نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 274
الحديثة من جانب آخر ، ومن هذا الباب تفسير بعضهم النبوة بالنبوغ والوحي بلمعات ذاك النبوغ . وحاصل مذهبهم : إنه يتميز بين أفراد الإنسان المتحضر ، أشخاص يملكون فطرة سليمة وعقولا مشرقة تهديهم إلى ما فيه صلاح الاجتماع وسعادة الإنسان ، فيضعون قوانين فيها مصلحة المجتمع وعمران الدنيا ، والإنسان الصالح الذي يتميز بهذا النوع من النبوغ هو النبي ، والفكر الصالح المترشح من مكامن عقله وومضات نبوغه هو الوحي ، والقوانين التي يسنها لصلاح الاجتماع هو الدين ، والروح الأمين هو نفسه الطاهرة التي تفيض هذه الأفكار إلى مراكز إدراكه ، والكتاب السماوي هو كتابه الذي يتضمن سننه وقوانينه . ويلاحظ عليه أولا : لو صحت هذه النظرية لم يبق من الاعتقاد بالغيب إلا الاعتقاد بوجود الخالق البارئ ، أما ما سوى ذلك فكله نتاج الفكر الإنساني الخاطئ ، وهذا في الواقع نوع إنكار للدين . وثانيا : أن قسما مما يقع به الوحي الإنباء عن الحوادث المستقبلة ، إنباء لا يخطئ تحققه أبدا ، مع أن النوابغ وإن سموا في الذكاء والفطنة لا يخبرون عن الحوادث المستقبلة إلا مع الاحتياط والتردد ، لا بالقطع واليقين ، وأما رجالات السياسة اللاعبون على حبالها لمصالحهم الشخصية ، سواء صدقت تنبؤاتهم أم كذبت ، فإن حسابهم غير حساب النوابغ . وثالثا : أن حملة الوحي ومدعي النبوة - من أولهم إلى آخرهم - إنما ينسبون تعاليمهم وسننهم إلى الله سبحانه ولا يدعون لأنفسهم شيئا ، ولا يشك أحد في أن الأنبياء عباد صالحون ، صادقون لا يكذبون ، فلو كانت السنن التي أتوا بها من وحي أفكارهم ، فلماذا يغرون المجتمع بنسبتها إلى الله تعالى ؟ هذا ، ولو كانت شريعة النبي الخاتم ( صلى الله عليه وآله وسلم )
274
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 274