نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 259
ولأجل ذلك كان الأولى أن يضيفوا إلى التعريف قيد : " مع دعوى النبوة ( 1 ) " . ولا يتحقق الإعجاز إلا إذا عجز الناس عن القيام بمعارضة ما أتى به مدعي النبوة ، ويترتب على هذا إن ما يقوم به كبار الأطباء والمخترعين من الأمور العجيبة خارج عن إطار الإعجاز ، كما أن ما يقوم به السحرة والمرتاضون من الأعمال المدهشة ، لا يعد معجزا لانتفاء هذا الشرط . ومن شرائط كون الإعجاز دليلا على صدق دعوى النبوة أن يكون فعل المدعي مطابقا لدعواه ، فلو خالف ما ادعاه لما سمي معجزة وإن كان أمرا خارقا للعادة ، ومن ذلك ما حصل من مسيلمة الكذاب عندما ادعى أنه نبي ، وآية نبوته أنه إذا تفل في بئر قليلة الماء ، يكثر ماؤها ، فتفل فغار جميع ماؤها . دلالة الإعجاز والتحسين والتقبيح العقليان إن دلالة المعجزة على صدق دعوى النبوة يتوقف على القول بالحسن والقبح العقليين ، لأن الإعجاز إنما يكون دليلا على صدق النبوة ، إذا قبح في العقل إظهار المعجزة على يد الكاذب ، فإذا توقف العقل عن إدراك قبحه واحتمل صحة إمكان ظهوره على يد الكاذب ، لا يقدر على التمييز بين الصادق والكاذب ، فالذين أعدموا العقل ومنعوا حكمه بهما ، يلزم عليهم سد باب التصديق بالنبوة من طريق الإعجاز ، قال العلامة الحلي : " لو كان الحسن والقبح باعتبار السمع لا غير لما قبح من الله تعالى شئ ، ولو كان كذلك لما قبح منه تعالى إظهار المعجزات على يد
1 . لا تختص المعجزة بدعوى النبوة ، بل يعمها ودعوى الإمامة وغيرها من الدعاوى الإلهية ، كدعوى المسلم إن شريعة الإسلام هي الحق دون غيرها من الشرائع ، ويقوم بالمباهلة ، فذلك معجزة البتة ، فالصحيح في تعريف المعجزة أن يقال : " هو الفعل الخارق للعادة الذي يأتي به من يدعي منصبا أو مقاما إلهيا شاهدا على صدق دعواه " راجع البيان في تفسير القرآن : 33 .
259
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 259