نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 184
الأشاعرة وتجويز التكليف بما لا يطاق ومع هذه البراهين المشرقة نرى أن الأشاعرة جوزوا التكليف بما لا يطاق ، وبذلك أظهروا العقيدة الإسلامية ، عقيدة مخالفة للوجدان والعقل السليم ، ومن المأسوف عليه أن المستشرقين أخذوا عقائد الإسلام عن المتكلمين الأشعريين ، فإذا بهم يصفونها بكونها على خلاف العقل والفطرة لأنهم يجوزون التكليف بما لا يطاق . إن الأشاعرة استدلوا بآيات تخيلوا دلالتها على ما يرتأونه ، مع أنها بمنأى عما يتبنونه في المقام ، وأظهر ما استدلوا به آيتان : الآية الأولى : قوله تعالى : ( ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ) . ( 1 ) وجه الاستدلال : إن الآية صريحة على أن المفترين على الله سبحانه في الدنيا ، المنكرين للحق لم يكونوا مستطيعين من أن يسمعوا كلام الله ويصغوا إلى دعوة النبي إلى الحق مع أنهم كانوا مكلفين باستماع الحق وقبوله ، فكلفهم الله تعالى بما لا يطيقون عليه . يلاحظ عليه : أن عدم استطاعتهم ليس بمعنى عدم وجودها فيهم ابتداء ، بل لأنهم حرموا أنفسهم من هذه النعم بالذنوب ، فصارت الذنوب سببا لكونهم غير مستطيعين لسمع الحق وقبوله ، وقد تواترت النصوص من الآيات والأحاديث على أن العصيان والطغيان يجعل القلوب عمياء والأسماع صماء . قال سبحانه : ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) . ( 2 )
1 . هود : 20 . 2 . البقرة : 26 .
184
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 184