نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 176
الأفراد في صورة المصيبة والشر ، هو في عين الوقت تكون متضمنة لمصلحة النوع والاجتماع ، فالحكم بأن هذه الظواهر شرور ، تنافي مصلحة الإنسان ، ينشأ من التفات الإنسان إليها من منظار خاص والتجاهل عن غير نفسه في العالم ، من غير فرق بين من مضى في غابر الزمان ومن يعيش في الحاضر في مناطق العالم أو سوف يأتي ويعيش فيها . وما أشبه الإنسان في مثل هذه الرؤية المحدودة بعابر سبيل يرى جرافة تحفر الأرض ، أو تهدم بناء مثيرة الغبار والتراب في الهواء ، فيقضي من فوره بأنه عمل ضار وشر ، وهو لا يدري بأن ذلك يتم تمهيدا لبناء مستشفى كبير يستقبل المرضى ويعالج المصابين ويهيئ للمحتاجين إلى العلاج وسائل المعالجة والتمريض . ولو وقف على تلك الأهداف النبيلة لقضى بغير ما قضى ، ولوصف ذلك التهديم بأنه خير وأنه لا ضير فيما يحصل من ضوضاء الجرافة وتصاعد الغبار . الثاني : ض آلة علم الإنسان ومحدوديته إن علم الإنسان المحدود هو الذي يدفعه إلى أن يقضي في الحوادث بتلك الأقضية الشاذة ، ولو وقف على علمه الضئيل ونسبة علمه إلى ما لا يعلمه لرجع القهقرى قائلا : ( ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك ) . ( 1 ) ولأذعن بقوله تعالى : ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) . ( 2 )
1 . آل عمران : 191 . 2 . الإسراء : 85 .
176
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 176