نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 168
إجابة عن إشكال لا شك في وجود آلام ومصائب اجتماعية يتألم منها ويستضر بها أفراد المجتمع من غير فرق بين المؤمن والكافر والمطيع والعاصي ، فإذا كان الكافر والعاصي مستحقا لتلك المصائب بكفره وعصيانه ، فما هو المصحح لتألم المؤمن المطيع وتضرره منها ، مع أن مقتضى العدل أن لا تزر وازرة وزر أخرى ، ولا يعاقب المؤمن بعقوبة الكافر ، أفلا يخل ذلك بعدله تعالى ؟ والجواب عنه : إن من خواص يوم القيامة أنه " يوم الفصل " ، فيفصل أهل النار من أهل الجنة وتجزى كل نفس بما كسبت ، وأما الحياة الدنيوية فالناس يعيشون فيها بالاختلاط والاشتراك ، فإذا نزلت بلية وكارثة طبيعية أو غير طبيعية يتألم منها الجميع ، ولكن مع ذلك أن الله تعالى بعدله و رحمته يعوض غير المستحقين لتلك النازلة بما هو أنفع لهم إما في الدنيا و إما في الآخرة ، وهذا هو المراد من " العوض " في اصطلاح المتكلمين . ثم إن هذا الجواب لا يختص بالمقام ، بل يأتي في جميع الموارد التي يكون عمل فرد أو أفراد سببا تكوينيا أو تشريعيا لتألم الغير وتضرره ، كالاختلالات العضوية والفكرية الطارئة على بعض المواليد الناشئة من سوء تغذية الوالدين أو بعض الاعتيادات المضرة وغير ذلك ، فربما يخرج الولد أعمى أو أبكم أو أصم أو غير ذلك من العلل ، مع أن السبب لها هو غيره سبحانه ، لكنه تعالى يعوضهم برحمته ، ويرفع عنهم التكليف الشاق . فيعطي للمتألم عوضا لتألمه وابتلائه من الأجر ما يكون أنفع بحاله ، وهذا كما يكون مقتضى عدله سبحانه ، يكون أيضا مقتضى لطفه ورحمته ، ويدخل تحت قاعدة الأصلح في الدين ، وجميع ذلك مروي عن أئمة أهل
168
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 168