نعم يبقى : الأمر الثالث : وله وجه ما ، وهو أنه يفترض أن يكون علي ( عليه السلام ) في حال الصلاة منشغلا بالله سبحانه وتعالى ، منصرفا عن هذا العالم ، ولذا عندنا في بعض الروايات أنه لما أصيب في بعض الحروب بسهم في رجله وأريد إخراج ذلك السهم من رجله ، قيل انتظروا ليقف إلى الصلاة ، وأخرجوا السهم من رجله وهو في حال الصلاة ، لأنه حينئذ لا يشعر بالألم ، المفترض أن يكون أمير المؤمنين هكذا ، ففي أثناء الصلاة وهو مشغول بالله سبحانه وتعالى كيف يسمع صوت السائل ؟ وكيف يلتفت إلى السائل ؟ وكيف يشير إليه ويومي بالتقدم نحوه ، ثم يرسل يده ليخرج الخاتم من أصبعه ؟ وهذا كله انشغال بأمور دنيوية ، عدول عن التكلم مع الله سبحانه وتعالى ، والاشتغال بذلك العالم . هذا الإشكال قد يسمى بإشكال عرفاني ، لأن الإشكال السابق مثلا حيث أرادوا جعل الواو عاطفة لا حالية إشكال نحوي ، وليكن الإشكال السابق عليه في الولاية إشكالا لغويا ، فلنسم هذا الإشكال بالإشكال العرفاني ، فالله سبحانه وتعالى عندما يخاطب أمير المؤمنين في الصلاة وعلي يخاطبه ، وهما يتخاطبان ، وهو منشغل بالله سبحانه وتعالى ، كيف يلتفت إلى هذا العالم ؟ والجواب : أولا : لقد عدت هذه القضية عند الله ورسوله وسائر المؤمنين من مناقب أمير المؤمنين ، فلو كان لهذا الإشكال أدنى مجال لما عد فعله من مناقبه . وثانيا : هذا الالتفات لم يكن من أمير المؤمنين إلى أمر دنيوي ، وإنما كانت عبادة في ضمن عبادة . ولعل الأفضل والأولى أن نرجع إلى أهل السنة أنفسهم ، الذين لهم ذوق عرفاني ، في نفس الوقت الذي هم من أهل السنة ، ومن كبار أهل السنة :