كل طرف مقبولة عند الطرف المقابل ، ليتم لهذا الطرف الإلزام والاحتجاج بالأدلة التي يرتضيها الطرف المقابل ويقول باعتبارها . لكن الأدلة التي يستدلون بها على إمامة أبي بكر أدلة ينفردون هم بها ، وإذا كانت روايات ، فإنها ليست إلا في كتبهم وعن طرقهم ، ومع ذلك ننظر في تلك الروايات ونباحثهم عليها ، على أساس كتبهم ورواياتهم وأقوال علمائهم . وكما أشرت من قبل ، نكون في هذا الفصل أيضا ملتزمين بآداب البحث ، ملتزمين بالمتانة في الكلام ، ملتزمين بعدم التعصب ، وكل استدلالاتنا ستكون على ضوء رواياتهم وكتبهم ، ليتضح لهم عدم تمامية أدلتهم بحسب كلمات علمائهم ، فكيف لو أرادوا أن يلزمونا بمثل هذه الأدلة التي هم لا يقبلون بها ، وعلماؤهم لا يرتضون بصحتها وجواز الاستدلال بها ؟ وعندما نريد أن ننقل تلك الأدلة ، نعتمد على أهم كتبهم ، نعتمد على أشهر كتبهم في علم العقائد . وأهم كتبهم : كتاب المواقف في علم الكلام وشرح المواقف وأيضا شرح المقاصد ، هذه أهم كتبهم الكلامية التي ألفت في القرن الثامن والتاسع من الهجرة ، وكانت هذه الكتب تدرس في حوزاتهم العلمية ، ولأساتذتهم شروح وحواشي كثيرة على هذه الكتب ، فلو رجعتم إلى كشف الظنون وقرأتم ما يقوله صاحب كشف الظنون عن شرح المواقف وعن شرح المقاصد وعن المواقف [1] نفسها ، لرأيتم كثرة الكتب والشروح والحواشي المؤلفة عليها ، وإن هذه الكتب أصبحت محورا لتلك الكثرة من الكتب الكلامية عندهم . ولا خلاف بينهم في اعتبار هذه الكتب وأهميتها ، وكونها المعتمد والمستند عندهم في مباحث العقائد .
[1] كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون 2 / 1780 ، 1891 .