لا يغني من الحق شيئا ) * [1] ، الظن لا يغني من الواقعيات شيئا ، الواقعيات والأمور الحقيقية ، المطلوب فيها القطع واليقين ، ولا يكفي فيها الظن ، ولا يكفي فيها الأخذ بأقوال الآخرين ، وهذه قاعدة عقلية ، والقرآن الكريم يشير ويرشد إلى هذه القاعدة العقلية القطعية . وحينئذ إذا دار الأمر بين رجلين ، أحدهما مهتدي ويمكنه هداية الآخرين إلى العقائد الحقة والأمور الواقعية ، والشخص الآخر يحتاج إلى من يهديه ، يحتاج إلى من يرشده ويأخذ بيده ، كيف يمكن الحكم بالاهتداء وبأخذ الحقائق والواقعيات ممن هو بنفسه يحتاج إلى من يهديه ؟ أما نحن فنعتقد بأن الإمامة أمر لا يكون إلا من الله سبحانه وتعالى ، الإمامة جعل ونصب من الله سبحانه وتعالى ، ولا فرق بين الإمامة والنبوة من هذه الحيثية ، وحينئذ نحتاج في معرفة الإمام وتعينه إلى نص قطعي ، أو إلى أدلة تقتضي أن يكون الشخص هو الإمام لكونه مهتديا وهاديا . وأيضا ، لو قام الدليل على عصمة شخص أو أشخاص ، فإن العصمة إن وجدت في شخص لا يجوز العقل الاهتداء بغير هذا الشخص مع وجوده ، ومع التمكن منه ولو بالواسطة ، لذا جعلنا الإمامة إما بالنص وإما بالعقل ، والنص إما من الكتاب وإما من السنة القطعية . وكان حديث المنزلة - وهو آخر الأدلة اللفظية التي بحثنا عنها - دليلا على إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من الجهات الثلاثة جميعا ، فلقد كان هذا الحديث نصا في إمامة أمير المؤمنين ، ودليلا على عصمته ، ودليلا على أفضليته ( عليه السلام ) من سائر الصحابة . وقد بحثنا عن مدلول هذا الحديث وفقهه ، وبينا اندفاع الشبهات التي طرحت في كتب الأصول والكلام على هذا الحديث والاستدلال به على إمامة أمير المؤمنين ، وكان