ذلك عليا ، فأتبع رسول الله حتى انتهى إليه ، فقال له : " ما جاء بك يا علي ؟ " قال : لا يا رسول الله ، إلا أني سمعت ناسا يزعمون أنك إنما خلفتني لشئ كرهته مني ، فتضاحك رسول الله وقال : " يا علي أما ترضى أن تكون مني كهارون من موسى إلا أنك لست بنبي ؟ " قال : بلى يا رسول الله ، قال : " فإنه كذلك " . وفي رواية خصائص النسائي [1] قال الناس : قالوا مله ، أي مل رسول الله عليا وكره صحبته . وفي رواية : قال علي لرسول الله : زعمت قريش أنك إنما خلفتني أنك استثقلتني وكرهت صحبتي ، وبكى علي ، فنادى رسول الله في الناس : " ما منكم أحد إلا وله خاصة ، يا بن أبي طالب ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ؟ " قال علي : رضيت عن الله عز وجل وعن رسوله . وإذا راجعتم سيرة ابن سيد الناس [2] ، وكذا سيرة ابن قيم الجوزية [3] ، وسيرة ابن إسحاق [4] ، وأيضا في بعض المصادر الأخرى : إن الذين قالوا ذلك كانوا رجالا من المنافقين ، ففي بعض الألفاظ : الناس ، وفي بعض الألفاظ : قريش ، وفي بعض الألفاظ : المنافقون ، ومن هنا يظهر أن في قريش أيضا منافقين ، وهذا مطلب مهم . وفي المعجم الأوسط للطبراني عن علي ( عليه السلام ) : إن النبي قال له : " خلفتك أن تكون خليفتي " ، قلت : أتخلف عنك يا رسول الله ؟ قال : " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " [5] . ففيه : " خلفتك أن تكون خليفتي " .
[1] الخصائص للنسائي : 67 رقم 44 و 77 رقم 61 . [2] عيون الأثر 2 / 294 - مكتبة دار التراث - المدينة المنورة - 1413 ه . [3] زاد المعاد 3 / 559 م 560 - مؤسسة الرسالة - بيروت - 1408 ه . [4] سيرة ابن هشام 2 / 519 - 520 . [5] المعجم الأوسط 4 / 484 رقم 4248 .