تذهبون إلى أن الإمامة من أصول الدين ، ولا ريب أن أصول الدين لا تثبت إلا بالأخبار المتواترة أو الأدلة القطعية ، وحديث الغدير لا نوافق على تواتره ، فإذن ، لا تثبت بحديث الغدير إمامة علي . ويتلخص هذا الإشكال في إنكار تواتر حديث الغدير ، الإشكال السابق كان إنكار صحة حديث الغدير ، فيسلم هؤلاء بصحة حديث الغدير ، إلا أنهم يناقشون في تواتره ، فإذا لم يتم تواتر حديث الغدير لم يتم الاستدلال به على إمامة علي ، لأن الحديث الظني وإن كان صحيحا ، وإن كان معتبرا ، لا يثبت لنا أصلا من أصول الدين ، إذ لا بد في أصول الدين من القطع واليقين ، والحديث الظني لا يفيد القطع ، إذن ، لا يثبت به أمر قطعي . وهذا الإشكال إشكال أساسي إن تم نفي تواتر حديث الغدير ، لكننا نلزمهم بمثل تصريح الذهبي ، وابن كثير ، وابن الجزري ، والسيوطي ، والكتاني ، والزبيدي ، والمتقي الهندي ، والشيخ علي القاري ، وغيرهم ، بتواتر حديث الغدير . أما ابن حزم فقد ذكروا في ترجمته إنه كان من النواصب ، وأيضا : يذكرون بترجمته إن لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقان ، والأشقى منه من يتبعه فيما يقول ويستند إلى كلماته وإلى أباطيله ، وليس المجال الآن يسع لأكثر من هذا ، وإلا لذكرت لكم بعض أباطيل هذا الرجل ، لذكرت لكم كلامه المقتضي للحكم بكفر هذا الشخص . إذن ، هذا الإشكال أيضا يندفع باعتراف كبار أئمة القوم بتواتر حديث الغدير . مسألة مجيء " المولى " بمعنى " الأولى " عمدة الإشكال : مسألة المولى ومجئ هذه الكلمة بمعنى " الأولى " . يقول الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب كتاب التحفة الاثنا عشرية : بأن لفظة مولى لا تجئ بمعنى الأولى بإجماع أهل اللغة . فهو ينفي مجيئ المولى بمعنى الأولى ، ويدعي إجماع أهل اللغة على هذا النفي .