خاتمة المطاف فتلخص مما ذكرنا : إن الحديث حديث متفق عليه بين الطرفين ، مقطوع الصدور ، وقد يمكن دعوى أن هذا الخبر قد بلغ إلى حد الدراية ولا يحتاج إلى رواية ، ورواه كبار علماء القوم في كتبهم ونصوا على صحته كما ذكرت لكم بعض الكلمات . كما أني حاولت أن أحصل على سند محمد بن إسحاق نفسه كي أرى مدى اعتبار هذا السند ، وقد قرأته لكم ووثقت رجاله ، إلا عبد الغفار بن القاسم الذي تكلموا فيه ، لأنه كان يذكر بعض معايب عثمان ورموه بالتشيع والرفض ، وقد قلنا : إن التشيع والرفض لا يضران بالوثاقة كما نص الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة شرح البخاري ، مضافا إلى أن هذا الرجل يثني عليه شعبة ويروي عنه ، وشعبة عندهم أمير المؤمنين في الحديث . فإذا تم سنده ، وكانت دلالته صريحة ، ورأينا أنهم ليس لهم كلام معقول في الجواب عن هذا الاستدلال . مثلا : إذا تراجعون منهاج السنة يقول في الإشكال على هذا الخبر : بأن رجال قريش في ذلك العهد لم يكونوا يبلغون الأربعين ، وهذا من علائم كذب هذا الخبر . هذا وجه يقوله ابن تيمية ، لا أدري من الذي يرتضي هذا الكلام من مثل هذا الشخص الذي هو شيخ إسلامهم ! ؟ وأيضا : إنه يشكل على هذا الخبر بأن العرب لم يكونوا أكالين بهذا المقدار ، بحيث أن هؤلاء أكلوا وشبعوا والطعام كفاهم كلهم ، فهذا من قرائن كذب هذا الخبر . ليس عندهم كلام معقول يذكر في مقام رد الاستدلال بهذا الحديث ، لذا تراهم يلتجئون إلى التحريف ، يلتجئون إلى التصرف في الحديث .