بنقائه وصفائه وخلوصه وطهره ، وقد زادته فاطمة صفاء على صفاء ، وطهرا على طهر ، بما بذلته من جهد موفق من خلال معرفتها بالله ، وما نالته من إشراف على أسرار الخلق ونواميس الحياة ، ففازت بالتأييد والتسديد واللطف الإلهي ، فكانت المرأة المعصومة التي يرضى الله لرضاها ، ويغضب لغضبها ، حتى باتت سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، إلى غير ذلك من أمور دلت على أن لها ( ع ) ارتباطا وثيقا بالغيب ، ومقاما وموقعا ، وكرامة إلهية ، لا تنالها عقولنا ، ولا تصل إليها أفهامنا . فيتضح مما تقدم : أنه إذا تجسد هذا الغيب برموز معينة ، كأنبياء الله ، وأصفيائه ، وأوليائه وأصحاب كراماته ، وبما لهم من مآثر وكرامات ، وبرموز كثيرة أخرى ، فإن قلوبنا ستحتضنها وستحتضن معها الغيب المودع فيها لتكون محور الإيمان ومعقد القلب لتعيش حالة السكينة والرضا أرواحنا ، ولتحنو عليها مشاعرنا ، فتدغدغ أحاسيسنا ، ويكون العلم بذلك كله ينفع من علمه ، والجهل به يضر من جهله بدرجة كبيرة وخطيرة . وليس بالضرورة أن يستتبع اختلاف مفردات تجسيد الغيب في الأشخاص كالأنبياء والأوصياء والأولياء تفاضلا لهذا على ذاك أو بالعكس ، إذ قد تكون طبيعة المرحلة ، أو ظروف معينة هي التي فرضت هذه الخصوصية الغيبية هنا وتلك هناك . أما التفاضل فله معاييره الخاصة به ، التي نطق بها القرآن العظيم ، والرسول الكريم [1] ، وليس هذا منها فكل هذه الغيوب
[1] فإن مقامات الأنبياء والأوصياء درجات ، بحسب درجات معرفتهم التي تستتبع مزيدا من الخلوص والخشية ، والجهد ، والقرب إلى الله ، ونيل درجات ، والرضا والزلفى .