وكان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نفسه يوجه حتى بأصحاب الحاجات المادية إلى بيت فاطمة ( عليها السلام ) ، كما في قضية الإعرابي الذي أعطته عقدها ، وفراشا للحسنين كما أسلفنا . وكان الناس يترددون عليها لطلب المعرفة أيضا ، وكل ذلك من شأنه أن يملأ حياتها عليها السلام بالحركة والنشاط ، الذي يضاف إلى نشاطاتها البيتية ، حيث كانت تطحن حتى مجلت يداها . . ثالثا : إنه لا يمكن تقييم إنسان ما على أساس إنجازاته ونشاطاته الاجتماعية ، أو ذكائه السياسي ، فهناك أذكياء سياسيون كثيرون ، ولكنهم لا يتمتعون بالقيمة الحقيقة للإنسان ، لأن النشاط الاجتماعي والذكاء لا يعطي الموقف السياسي أو غيره قيمة ، وإنما تتقوم السياسة بمنطلقاتها ومبادئها ، وهي إنما تؤخذ من المعصوم : كالنبي والوصي ، ومن الزهراء أيضا . فهي عليها السلام تحدد لنا ما به تكون القيمة للسياسة ، أو لأي عمل آخر ، اجتماعيا كان أو غيره ، ولا تكتسب الزهراء قيمتها من سياساتها ، أو من نشاطاتها الاجتماعية ، وإلا لكان بعض المجرمين أو المنحرفين أعظم قيمة حتى من الأنبياء ، والأولياء ، والأصفياء ، إذا قام بنشاط اجتماعي أو سياسي كبير ، بسبب توفر المال ، أو الجاه ، أو السلطة له ، مع عدم توفر ذلك للنبي أو الولي عليهم السلام . والحقيقة : أن قيمة الإنسان إنما تنبع من داخل ذاته ، ومن قيمه التي يجسدها ، ومن مثله وإنسانيته ، ومن علمه النافع المنتج للتقوى والخشية من الله سبحانه ، وما سوى ذلك فهو في سياق الأسباب والنتائج ، وقد يكون في الطرف الآخر من المعادلة . رابعا : إننا لا بد أن نتحقق أولا من حقيقة موقع الزهراء عليها