فكان منع الزهراء عن ذلك ، كما قدمنا . وقد جاء هذا موافقا للميول وللدفاع الديني والسياسي على حد سواء . ومما يدل على أن ذلك مأخوذ من أهل الكتاب : أنه قد جاء في التوراة : " يا ابن آخذ عنك شهوة عينيك بضربة ، فلا تنح ولا تبك ، ولا تنزل دموعك ، تنهد ساكتا ، لا تعمل مناحة على أموات " [1] . السياسة وما أدراك ما السياسة ؟ : ونشير هنا إلى كلمة للإمام شرف الدين رحمه الله تعالى قال : " وهنا نلفت أولي الألباب إلى البحث عن السبب في تنحي الزهراء عن البلد في نياحتها على أبيها ( ص ) ، وخروجها بولديها في لمة من نسائها إلى البقيع يندبن رسول الله ، في ظل أراكة كانت هناك ، فلما قطعت بنى لها علي ( ع ) بيتا في البقيع كانت تأوي إليه للنياحة ، يدعى : بيت الأحزان ، وكان هذا البيت يزار في كل خلف من هذه الأمة " [2] . وأقول : إن من القريب جدا : أن يكون الحديث : " إن الميت ليعذب ببكاء الحي " قد حرف عن حديث " البكاء على اليهودية المتقدم " ، لدوافع سياسية لا تخفى ، فإن السلطة كانت تهتم بمنع فاطمة عليها السلام من البكاء على أبيها .