وثلاث مئة في مجموع ثلاثة أيام [1] . فالقول بالأربعة آلاف ، لعله يريد هذا المعنى أيضا . فالمدينة التي بهذا الحجم حين يموت فيها أي إنسان عادي فسيكون فيها ما يشبه حالة طوارئ ، حيث سيتوافد أهلها لتعزية وتسلية أصحاب المصاب ، وسيهتمون بالتخفيف عنهم ، وإبعادهم عن أجواء الحزن ، فإذا كان المتوفى له موقع اجتماعي ، فإن الاهتمام سيكون أعظم ، فكيف إذا كان المتوفى هو أعظم إنسان خلقه الله ، وأفضل موجود ، وأكرم نبي ، وهو الذي أخرجهم من الظلمات إلى النور ، فإن البلد سينقلب ، وسيعطل الناس أعمالهم وزراعتهم ، ويعيشون جوا مشحونا بالعاطفة ، والترقب والخوف ، وسيكون مركز التجمع والقرار ، وكل التحركات هو المسجد ، منه الانطلاق إلى الحرب ، وفيه تحل المشاكل ، وتستقبل فيه الوفود ، ومنه يكون السفر ، وإليه العودة . . فالمسجد مركز الحكم ، والقيادة ، والقضاء الخ . . ومنبر الرسول هو موقع الحاكم ، وهو على بعد أمتار يسيرة من مدفن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم . وفي أجواء وفاة النبي ( ص ) سيتضاعف الذهاب والاياب إلى المسجد ، وحين يأتي الناس إلى المسجد ، فإن أول ما يبدأون به هو زيارة قبر نبيهم ، والسلام عليه وعلى من في البيت ، حيث إنه ( ص ) قد دفن في بيت فاطمة [2] ، وكانت كل الأبواب قد سدت سوى بابها ، وسيسألون الصديقة الطاهرة عن حالها ، وهم يعلمون أنها كانت
[1] عوالم العلوم : ج 11 ص 345 ، ودلائل الإمامة : 21 . [2] راجع : مقالنا في دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام : ج 1 ص 169 فما بعدها .