فالبكاء إذن لم يكن بكاء الجزع من المصاب ، واستعظام فقد الشخص ، لكي يتنافى ذلك مع الانفتاح على قضاء الله وقدره . كما يريد هذا القائل أن يوحي به . إلا إذا كان هذا القائل يعتبر الاستسلام للقضاء والقدر والسكوت عن وعلى الظلم انفتاحا على القضاء والقدر . " بيت الأحزان " وإزعاج الناس بالبكاء : ولا يجد البعض حاجة إلى بيت الأحزان ، لتبكي الزهراء فيه ، فهو لا يتصورها تبكي على أبيها بحيث تزعج أهل المدينة حتى يطلبوا منها السكوت ؟ لأن ذلك يعني أنها كانت تصرخ بصوت عال في الطرقات ؟ ! وهذا الصراخ والازعاج لا يتناسب مع مكانتها عليها السلام ؟ ! ونقول في الجواب : أولا : هناك رواية ذكرها المجلسي [1] ، مضعفا لها ، لأنه لم ينقلها - كما قال - عن أصل يعول عليه ، وهي عن فضة ، وفيها : أن فاطمة ( ع ) قد خرجت ليلا في اليوم الثاني لوفاة أبيها ، وبكت ، وبكى معها الناس ، ولما رأى أهل المدينة مدى حزنها طلبوا من علي ( ع ) أن تبكي إما ليلا أو نهارا ، فبنى لها بيت الأحزان في البقيع . وقد تقدمت الإشارة إلى مصادر أخرى لهذه المقولة .