وقد لا يكون الهدف من جمعها هو أن تكون كتابا منسقا بصورة فنية يتداوله الناس ويعتمدونه . وهذا عدا عن أن الرأي الكلامي والعقيدي لا يمنع من إيراد ما يعارضه ، كإيراد ما يوافقه من أحاديث ، ومن ميزة العالم أن يتقيد بقواعد البحث الكلامي حينما يتصدى للكلام ، وأن يلتزم أيضا بكل الضوابط ، ويراعي كل الأصول المرعية في الحديث ، ونقله واختياره ، حينما يتخذ لنفسه صفة المحدث ، ولأجل ذلك نجد المحدثين يروون الأخبار المتعارضة في كتبهم ، رغم تبنيهم وقبولهم بطائفة منها بخصوصها ، وعلى الأخص في المجال الفقهي ، وبمراجعة كتب الكليني والصدوق وغيرهما من المحدثين يعلم ذلك . هذا ، وقد رأينا : أن بعض العلماء يؤلف كتبه بأكثر من صفة ، فالفقيه يكتب بصفة المحدث كما وقع للطوسي ( قده ) ، حيث كتب النهاية ، وهي متون أخبار . وقد يكتب الفيلسوف بلسان العرفاء كما وقع للشيخ نصير الدين الطوسي في بعض رسائله ، وقد يكتب المتكلم بلسان الفيلسوف ، كما جرى للفخر الرازي ، والمتصوف بلسان الفلاسفة كما جرى للغزالي ، وغير هؤلاء كثير . ومن جهة أخرى نقول : إن بعض الآراء قد تتغير على مر الزمن ، ولا سيما إذا كان صاحب الرأي من العلماء الذين يتمتعون بحيوية فكرية ، ويسيرون في صراط التكامل في وعيهم وفي فكرهم ، وفي معرفتهم . وقد تختلف درجات تنبه المؤلف إلى الحيثيات التي يلاحظها في تآليفه بين فترة زمنية وأخرى . مع أننا سنذكر أن هذا الكتاب هو اختيار للمفيد من كتاب آخر .