- مهما بلغ به الجد - أن يثبت علمياً أياً من حالات التزوير أو الخرافة ، إلا الشاذ النادر الذي يكاد لا يشعر به أحد بالقياس إلى حجم ما هو صحيح وسليم ، رغم رغبة جهات مختلفة بالتلاعب بالحقيقة ، وبالتعتيم عليها ، وذلك لشدة حساسية هذا الحدث ، وتنوع مراميه ، وتشعب مجالاته ، واختلاف حالاته وتأثيراته . وحتى ، الذين ينسب إليهم أنهم أسهموا في إثارة هذه الحملة الشعواء ، يسجلون هذه الحقيقة بوضوح ، ويعتزون بها ، فيذكر الكتاب المنسوب إلى الشهيد المطهري عن المرحوم الدكتور آيتي قوله : « إن تأريخ أبي عبد الله الحسين « عليه السلام » يعتبر نسبة إلى كثير من التواريخ الأخرى تاريخاً محفوظاً من التحريف ، ومصاناً منه » [1] . وذلك إن دل على شيء فهو يدل على أن الله سبحانه قد حفظ هذا الدم الزاكي ليكون هو الحافظ لهذا الدين ، فأراد له أن يبقى مصوناً صافياً نقياً إلى درجة ملفتة وظاهرة . ويتجلى هذا اللطف الإلهي ، والعناية الربانية ، حين تفاجؤنا الحقيقة المذهلة ، وهي أنه حتى تلك الموارد النادرة جداً التي يدعيها هذا البعض لم تدخل في تاريخ كربلاء ؛ لأنها قد جاءت مفضوحة إلى درجة أنها تضحك الثكلى ، وتدعو إلى الاشمئزاز والقرف . وذلك من قبيل قولهم - كما سيأتي - : إن عدد جيش يزيد في عاشوراء كان مليوناً وست مئة الف مقاتل . وأن الإمام الحسين « عليه السلام » قد قتل منهم بيده ثلاث مئة ألف . وأن طول رمح سنان بن أنس ، الذي يقال : إنه احتز
[1] الملحمة الحسينية ج 3 ص 236 عن كتاب : تحليل تاريخ عاشوراء ص 151 .