عندما تبدأ التحذيرات ، ثم الاعتراضات ، ثم التشنيع القوي ، والتجريح الحاقد ، تتوالى وتنهمر ، إلى درجة أن الإنسان الشيعي يجدها ، ويسمعها ، ويقرأها ، ويواجهها في كل اتجاه ، وفي أي موقع ، وفي مختلف المناسبات . وتصدر البيانات ، وتلقى الخطب ، والمحاضرات ، وتلهج الإذاعات ، وتكتب الصحف والمجلات ، وتبذل جميع الطاقات في هذا السبيل . وأكثر الاهتمام ينصب على ثلاثة أمور : الأول : الطعن في خطباء المنبر الحسيني ، ورميهم بالجهل ، والأمية ، وقذفهم بتهم الكذب ، والتزوير ، وقلة الدين ، والتصنّع ، والتمثيل ، والإستعراض ، والتخلف ، وما إلى ذلك مما تحويه مجاميعهم اللغوية من شتائم مقذعة ، وتعبيرات جارحة . الثاني : التشكيك في مضمون المنبر الحسيني ، وأنه يعتمد الخرافات ، و يروّج للأساطير ، وينشر الأباطيل ، وما إلى ذلك مما يحويه قاموسهم الغني بهذا النوع من التعابير ، التي تؤدي إلى عجز المنبر الحسيني عن أداء دوره الرسالي في تثقيف الناس ، وتربيتهم ، وتثبيتهم على خط الإيمان والجهاد . . الثالث : العمل على التخفيف من قيمة الارتباط العاطفي بعاشوراء ، ومضامينها العاطفية وذلك بازدراء حالات البكاء ، والتشنيع على مواكب العزاء ، وإدانة اللطم على الصدور ، ورمي هذه المواكب بالتخلف والتحجر ، والإساءة إلى الدين ، وأنها توجب احتقار العالم المتحضر للمسلمين ، وانتقاده لهم ، والدعوة في مقابل ذلك إلى اللطم الحضاري الهادئ ، والتوجه أيضاً إلى العمل المسرحي ، والثقافي ، واختزال المشاهد العاطفية البكائية ، مهما أمكن ، لتصبح عاشوراء منبراً ثقافياً ، تنشأ فيه المحاضرات ، وتعقد ندوات ، تدار من قبل متخصصين ، ثم « ما وراء عبادان قرية » .