إن الكذب أصل من أصول دينهم ، عليه ينشأ صغيرهم ، ويهرم كبيرهم ، وهو أقوى سلاح لهم على خصومهم ، كي تجتنب مؤاخاتهم لأنهم ليسوا بأخوة لك في الدين ، قال الله تعالى : ( إنما المؤمنون أخوة ) [1] وقال سبحانه : ( إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله . . . ) فمن نفى الله عنهم الإيمان بآياته في محكم كتابه فقد انتفت الأخوة بينك وبينهم . فاحذر من مؤاخاتهم ومصافاتهم ، واجتنب مطالعة كتبهم وصحفهم لئلا تضل عن الصراط المستقيم الذي أمرك الله بسلوكه ، صراط الذين أنعم الله عليهم بالإيمان به وبكتابه وآياته فلم يغضب عليهم حيث لم يضلوا عن هديه ، ويشذوا عن نهجه . واعلم أن الكذب هو الإخبار عن الشئ بخلاف ما هو ، سواء فيه العمد والخطأ ، هكذا عرفه الفيومي منهم في ( المصباح المنير ) وهو من أرذل الأخلاق ، وأخس الصفات ، وقد لعن الله المتصفين به في كتابه الحكيم كما مر عليك ، وعد الرسول محمد صلى الله عليه وآله رسول الفضائل والمكارم الكذب من علامات المنافقين الذين قال الله تعالى فيهم ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ) [2] فقال : أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ، وإذا حدث كذب . . . [3] وقال أيضا : آية المنافق ثلاث ، إذا حدث كذب . . . فالكاذب منافق وملعون ، مخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله ومجانب لسبيل المؤمنين ، قال الله تعالى :
[1] سورة الحجرات الآية 10 . [2] سورة النساء الآية 145 . [3] صحيح البخاري ج 1 ص 15 طبع مصر بحاشية السندي .