ومما تقدم عرفت أنه لا إجماع على خلافة أبي بكر . وهناك جماعة من أعيان الصحابة كرهوا نص أولهم على ثانيهم قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 1 ص 55 : دخل طلحة بن عبيد الله على أبي بكر فقال : إنه بلغني أنك يا خليفة رسول الله استخلفت على الناس عمر ، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه فكيف به إذا خلا بهم ؟ وأنت غدا لاق ربك فيسألك عن رعيتك ؟ فقال أبو بكر : أجلسوني ثم قال : أبا الله تخوفني ؟ إذا لقيت ربي فسئلني قلت استخلفت عليهم خير أهلك ، فقال طلحة : أعمر خير الناس ؟ وفي لفظ آخر : ما أنت قائل لربك وقد وليت علينا فظا غليظا تفرق منه النفوس وتنفض عنه القلوب [1] وقال عبد الكريم الخطيب : لقد اختار أبو بكر عمر من بعده والعهد بالنبوة قريب فما سلم الناس له بهذا من أول الأمر ، بل راجعوه وعتبوا عليه [2] . إن جماعة من الصحابة دخلوا على أبي بكر حين عزم على استخلاف عمر فقال له قائل منهم : ماذا أنت قائل لربك إذا سئلك عن استخلافك عمر علينا وقد ترى غلظته ؟ فقال أبو بكر : أجلسوني أبا الله تخوفونني [3] وقال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ج 1 ص 18 دخل عليه المهاجرون والأنصار حين بلغهم أنه استخلف عمر ، فقالوا : نراك استخلفت علينا عمر ، وقد عرفته ، وعلمت بوائقه فينا وأنت بين أظهرنا ،
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 55 [2] علي بن أبي طالب بقية النبوة ص 159 [3] عمر بن الخطاب ص 74 ط مصر عام 1961 دار الجيل للطباعة .