ولما لم يكن أبو بكر تابعا للنبي ، وكان ليس من النبي صلى الله عليه وآله أمر الله رسوله أن يأخذ منه الآيات كي لا ينوب عنه في شئ من تبليغ الرسالة ، وفي ذلك دليل واضح على عدم لياقته للنيابة العامة عن الرسول فإشغال منصب الخلافة من بعده ، لمن كان من أهل الفكر والنظر . روى أحمد بن حنبل في مسنده ج 1 ص 3 ط مصر عن زيد بن يثيع عن أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وآله بعثه ببراءة لأهل مكة ، لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله مدة فأجله إلى مدته ، والله برئ من المشركين ورسوله . قال : فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي رضي الله عنه : إلحقه فرد علي أبا بكر وبلغها أنت قال : ففعل ، فلما قدم النبي صلى الله عليه وآله أبو بكر بكى قال : يا رسول الله حدث في شئ ؟ قال : ما حدث فيك إلا خير ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل مني . المؤلف : قوله صلى الله عليه وآله : ما حدث فيك ، أي في شأن إرسالي إياك ، إلا خير ، يعني خير للمسلمين حيث عرفوك أنك لست أهلا للنيابة عني في شئ ، وشر لك حيث ظهر لهم أنك لست تابعا لي وقوله صلى الله عليه وآله أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل مني . أي أن الله سبحانه أمرني بعزلك عن مشاركتك إياي في شئ من أداء الرسالة لأنك لست مني ، وأمرني بإرسال علي بن أبي طالب لأنه مني ، ولذلك نجده صلى الله عليه وآله يصرح غير مرة بذلك فيقول : إن عليا مني وأنا من علي [1] وهو ولي كل مؤمن بعدي [2] إن
[1] الصواعق المحرقة ص 103 ، مطالب السئول ص 65 ، ينابيع المودة ص 54 [2] نظم درر السمطين ص 98 ، ينابيع المودة ص 54 و 55 ، مطالب السئول ص 59 ، عبقرية الإمام علي ص 131 ، 17 رمضان ص 47 .