نام کتاب : قواعد المرام في علم الكلام نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 140
الحدوث بحدوث البدن ، وثبت أن هذا البدن يعدم ، فوجب أن يعدم ذلك الجوهر لعدم شرطه . وسنبين أن المعدوم لا يعاد ، فلو كان الإنسان عبارة عن هذا الجوهر لوجب أن يمتنع عوده على تقدير عدمه ، فوجب أن لا يصل الثواب والعقاب إلى مستحقهما ، وهو غير جائز من الحكيم . وسنؤكد ذلك بالكلام على أدلتهم في إثباته وبقائه . وبمثل هذا البيان بطل أن يكون الإنسان عبارة عما تركب من هذه الأقسام لعدم المركب لعدم جزء وامتناع إعادة المعدوم . وإذا بطلت الأقسام الثلاثة بقي أن يكون جسما ، ومحال أن يكون عبارة عن هذا الهيكل المحسوس بما فيه أيضا ، لأن كل عاقل يعلم بالبديهة أن بدنه زمان الشيخوخة غيره زمان الصغر ، وذلك لأن البدن ينتقل من الهزال إلى السمن ويتحلل بسائر أنواع التحللات ، فلو كان الإنسان عبارة عن هذا الهيكل لزم في كل يوم أن يخرج الإنسان عن كونه انسانا ويحدث مثله ، وذلك جهالة . وإذا بطل ذلك بقي أن يكون عبارة عن أجزاء فيه أصلية باقية من أول العمر إلى آخره لا يجوز عليها التبدل والتغير والعدم ، لما بيناه وهو المطلوب . إذا عرفت ذلك فاعلم أن أكثر العالم متفقون على القول بالمعاد ، وهو إما أن يكون جسمانيا فقط وهو قول أكثر المتكلمين ، أو روحانيا فقط وهو قول كثير من الفلاسفة الإلهيين ، أو جسمانيا وروحانيا وهو قول كثير من المحققين . وأنكره الطبيعيون من قدماء الفلاسفة . ونقل عن جالينوس التوقف ، فإنه قال لم يظهر لي أن النفس غير المزاج ، فبتقدير أن يكون الإنسان عبارة عن المزاج - وهو مما يعدم بالموت - فيمتنع إعادته ، وبتقدير أن يكون أمرا وراء المزاج يجوز بقاؤه بعد فناء المزاج كان المعاد ممكنا ، فلذلك توقف .
140
نام کتاب : قواعد المرام في علم الكلام نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 140