نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 639
غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي عز وجل ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي ثم يقال : يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع ، فأرفع رأسي فأقول : أمتي يا رب أمتي يا رب ، فيقال : يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة ، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ، ثم قال : والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحميرا وكما بين مكة وبصرى " [1] . فالحديث يدل على جواز التوسل بالمقام والمنزلة لقولهم : يا من أنت رسول وخاتم الأنبياء ، كما أن فيه دلالة على طلب الشفاعة منه لقولهم اشفع لنا إلى ربك . إن التوسل بالأنبياء والأولياء ليس بملاك جسمانيتهم فإنهم وغيرهم في ذلك المجال سواسية ، وإنما يتوسل بهم بروحانيتهم العالية ، وهي محفوظة في حال الحياة وبعد الارتحال إلى البرزخ وإلى الآخرة . فالتفريق في التوسل بين الحياة والممات ينشأ من نظرة مادية تعطي الأصالة للجسم والمادة ولا تقيم للمعنى والروحانية وزنا ولا قيمة . فالنبي الأكرم مدار الفضائل والكمالات وهو يتمتع بأروع الكرامات وكلها ترجع إلى روحانيته ومعنويته القائمة المحفوظة في جميع الحالات . فما هذا التفريق بين الحياة المادية والبرزخية والأخروية ؟ فمن اتخذ الأنبياء والأولياء وغيرهم ممن باتوا لربهم سجدا وقياما ، أسبابا حال حياتهم أو بعد مماتهم ، ووسائل لقضاء حوائجهم ووسائط لجلب الخير ودفع
[1] البخاري ، الصحيح 6 : 84 - 85 ، صحيح مسلم 1 : 127 - 130 ، مسند أحمد 2 : 412 .
639
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 639