نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 535
غير واحد من آياته على أن الأنبياء كانوا يكلمون الموتى ويخاطبونهم . ونلمس ذلك بوضوح في قصتي صالح وشعيب . أما الأولى : فالقرآن يحكي خطابه لقومه - بعد هلاكهم وأخذ الرجفة لهم - فيقول : { فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين } [1] . أمعن النظر في قوله : { فتولى } حيث تصدر بالفاء الدالة على الترتيب : أي بعدما عمهم الهلاك أعرض صالح بوجهه عنهم وخاطبهم بقوله : يا قوم . . . أما الثانية فهي أيضا قرينة الأولى ونظيرتها قال سبحانه : { فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين * فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين } [2] . إن الأوليين من الآيات صريحتان في نزول البلاء عليهم وإبادتهم وإهلاكهم جميعا - فبعد ذلك - يخاطبهم نبيهم شعيب معرضا بوجهه عنهم ، مشعرا بالتبري ويقول : يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي . . . وليس لنا ، ولا لغيرنا تأويل القرآن لأخذ موقف مسبق في الموضوع ، بل يجب عرض الرأي عليه لا عرض القرآن على الفكر الإنساني . ونكتفي من الآيات بما تلوناه عليك وهناك آيات أخرى موحدة في المضمون نترك نقلها للاختصار .