نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 38
ثم إن المعلق استثنى مس قبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) والتبرك به ، ومنعهما وقال في وجهه : " وأما جواز مس قبر النبي والتبرك به فهذا القول غريب جدا لم أر أحدا نقله عن الإمام ، وقال ابن تيمية في الجواب الباهر لزوار المقابر ( ص 31 ) : اتفق الأئمة على أنه لا يمس قبر النبي ولا يقبله ، وهذا كله محافظة على التوحيد ، فإن من أصول الشرك بالله اتخاذ القبور مساجد " [1] . لكن يلاحظ عليه : كيف يقول : لم أجد أحدا نقله عن الإمام ، أوليس ولده أبو عبد الله راوية أبيه وكتبه يروي هذه الفتوى ؟ وهو ثقة عند الحنابلة ! وأما التفريق بين مس المنبر والقبر بجعل الأول نفس التوحيد ، والثاني أساس الشرك ، فمن غرائب الأمور ، لأن الأمرين يشتركان في التوجه إلى غير الله سبحانه ، فلو كان هذا محور الشرك ، فالموضوعات سيان ، وإن فرق بينهما بأن الماس ينتفع بالأول دون الثاني لعدم مس جسده بالثاني فلازمه كون الأول نافعا والثاني أمرا باطلا دون أن يكون شركا . ولو رجع المحقق إلى الصحاح والمسانيد وكتب السيرة والتاريخ ، لوقف على أن التبرك بالقبر ومسه ، كان أمرا رائجا بين المسلمين في عصر الصحابة والتابعين ، ولأجل إيقاف القارئ على صحة ما نقول نذكر نموذجين من ذلك : 1 - إن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين بنت رسول الله حضرت عند قبر أبيها ( صلى الله عليه وآله ) وأخذت قبضة من تراب القبر تشمه وتبكي وتقول : ماذا على من شم تربة أحمد * ألا يشم مدى الزمان غواليا صبت علي مصائب لو أنها * صبت على الأيام صرن لياليا [2]
[1] تعليقة المحقق ، نفس الصفحة . [2] لقد ذكر هذه القضية جمع كثير من المؤرخين ، منهم : السمهودي في وفاء الوفا 2 : 444 ، والخالدي في صلح الإخوان : 57 ، وغيرهما .
38
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 38