نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 281
إطباق السلف والخلف على جواز السفر إليه جرت سيرة المسلمين على زيارة الرسول - عند الوفود إلى الحج - بالمرور بالمدينة أو رجوعا من مكة إليها ، وهذا أمر ملموس وظاهر مشهود من الوافدين من كل فج عميق ، وعلى ذلك جرت السيرة في جميع القرون ، فلا يمكن لأحد إنكارها ، بل هي كاشفة عن استحبابها عند الشرع ، وهذا هو الإمام السبكي يذكر سيرة المسلمين في أيام الحج ويقول : إن الناس لم يزالوا في كل عام إذا قضوا الحج يتوجهون إلى زيارته ( صلى الله عليه وآله ) ومنهم من يفعل ذلك قبل الحج ، هكذا شاهدناه وشاهده من قبلنا ، وحكاه العلماء عن الأعصار القديمة ، وذلك أمر لا يرتاب فيه ، وكلهم يقصدون ذلك ويعرجون إليه ، وإن لم يكن في طريقهم ، ويقطعون فيه مسافة بعيدة ، وينفقون فيه الأموال ، ويبذلون فيه المهج ، معتقدين أن ذلك قربة وطاعة . وإطباق هذا الجمع العظيم من مشارق الأرض ومغاربها على ممر السنين وفيهم العلماء والصلحاء ، وغيرهم يستحيل أن يكون خطأ ، وكلهم يفعلون ذلك على وجه التقرب به إلى الله عز وجل ، ومن تأخر عنه من المسلمين فإنما يتأخر بعجز أو تعويق المقادير ، مع تأسفه ووده لو تيسر له ، ومن ادعى أن هذا الجمع العظيم مجمعون على خطأ فهو المخطئ . ومن نازع في ذلك وقال فإنهم يقصدون من سفرهم زيارة المسجد ، لا زيارة الرسول الأكرم ، فلم ينصف وكابر في أمر بديهي ، فإن الناس من حين يعرجون إلى طريق المدينة ، لا يخطر ببالهم غير الزيارة من القربات إلا قليلا منهم ، وغرضهم الأعظم هو الزيارة ، ولو لم يكن ربما لم يسافروا ، ولهذا قل القاصدون إلى بيت المقدس مع تيسر إتيانه وليس الصلاة فيه بأقل ثوابا من الصلاة في مسجد النبي [1] .