نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 25
وهذا التعريف يشترك مع سابقه نقدا وإشكالا ، وذلك أن العبادة ليست منحصرة في خضوع لا يحد بل الخضوع المحدد أيضا ربما يعد عبادة ، كما إذا كان الخضوع بأقل مراتبه . وكذلك لا يشترط كون الخضوع لعظمة لا تحد ، إذ ربما تكون عظمة المعبود محدودة في زعم العابد كما هو الحال في عبادة الأصنام ، الذي كان الدافع إلى عبادتها كونها شفعاء عند الله . 3 - تعريف ابن تيمية وأكثر التعاريف عرضة للإشكال هو تعريف ابن تيمية إذ قال : " العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنية والظاهرية كالصلاة والزكاة والصيام ، والحج ، وصدق الحديث وأداء الأمانة ، وبر الوالدين وصلة الأرحام " [1] . وهذا الكاتب لم يفرق - في الحقيقة - بين العبادة والتقرب ، وتصور أن كل عمل يوجب القربى إلى الله ، فهو عبادة له تعالى أيضا ، في حين أن الأمر ليس كذلك ، فهناك أمور توجب رضا الله ، وتستوجب ثوابه لكنها قد تكون عبادة كالصوم والصلاة والحج ، وقد تكون موجبة للقرب إليه دون أن تعد عبادة ، كالإحسان إلى الوالدين ، وإعطاء الزكاة ، والخمس ، فكل هذه الأمور ( الأخيرة ) توجب القربى إلى الله في حين لا تكون عبادة . وإن سميت في مصطلح أهل الحديث عبادة ، فيراد منها كونها نظير العبادة في ترتب الثواب عليها . وبعبارة أخرى : أن الإتيان بهذه الأعمال يعد طاعة لله ولكن ليس طاعة عبادة . وإن شئت قلت : إن هناك أمورا عبادية ، وأمورا قربية ، وكل عبادة
[1] مجلة البحوث الإسلامية ، العدد 2 : 187 ، نقلا عن كتاب العبودية : 38 .
25
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 25