نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 138
ترحمون } [1] والآية تأمر باستماع القرآن عند قراءته والإنصات له ، والمصداق الموجود لها في ظرف الرسالة هو استماع القرآن مباشرة من فم القارئ الذي يقرأ القرآن في المسجد أو في البيت ، ولكن الحضارة الصناعية أحدثت مصداقا آخر لم يكن موجودا في ظرف الرسالة ، كقراءة القرآن من خلال المذياع والإذاعة المرئية ، فالآية حجة في كلا الموردين ، وليس لنا ترك الاستماع والإنصات في القسم الثاني ، بحجة أنه لم يكن في ظرف الرسالة ، وذلك لأن العربي الصميم عندما يتدبر في مفهوم الآية لا يرى فرقا بين القراءتين ، فلو قلنا حينئذ بوجوب الاستماع أو ندبه فليس هذا قولا بغير دليل ، أو بدعة في الدين . 2 - قال النبي الأكرم : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " [2] ومن الواضح أن العلوم حتى ما يمت إلى الشرع ، كانت في ظرف صدور الحديث محدودة ، ولكن المحدودية لا تمنع عن شمول الحديث للعلوم التي ابتكرها المسلمون لفهم الكتاب والسنة ، كعلم اللغة والصرف والنحو والبلاغة ، بل والفقه المدون عبر العصور ، وذلك لأن الحديث بصدد تأسيس قاعدة كلية ، فليس لمسلم أن يصف هذه العلوم بالبدعة بحجة أنها لم تكن في عصر الرسالة ، لأن شأن الشارع الصادق إلقاء الأصول وبيان القواعد والضوابط لا بيان المصاديق ، وبالأخص ما لم يكن في عصره . 3 - لا شك أن من واجب المسلمين حفظ القرآن والسنة النبوية من الضياع ، لأن الإسلام ليس دينا إقليميا بل دينا عالميا وليس دينا مؤقتا بل خاتما ، فطبيعة ذلك الدين تقتضي لزوم حفظ نصوصه وسنته حتى ترجع إليها الأجيال اللاحقة .