نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 114
قال عبد الرحمن بن عبد القارئ : خرجت مع عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) ليلة رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ، ويصلي الرجال فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر : إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم ، قال عمر : " نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون " يريد آخر الليل ، وكان الناس يقومون أوله [1] . إن إقامة صلاة التراويح جماعة لا تخلو من صورتين : الأولى : إذا كان لها أصل في الكتاب والسنة ، فعندئذ يكون عمل الخليفة إحياء لسنة متروكة سواء أراد إقامتها جماعة أو جمعهم على قارئ واحد ، فلا يصح قوله : " نعم البدعة هذه " إذ ليس عمله تدخلا في الشريعة . الثانية : إذا لم يكن هناك أصل في المصدرين الرئيسيين ، لا لإقامتها جماعة أو لجمعهم على قارئ واحد ، وإنما كره الخليفة تفرق الناس ، ولأجل ذلك أمرهم بإقامتها جماعة ، أو بقارئ واحد ، وعندئذ تكون هذه بدعة قبيحة محرمة . توضيح ذلك أن البدعة التي تحدث عنها الكتاب والسنة هي التدخل في أمر الدين بزيادة أو نقيصة ، والتصرف في التشريع الإسلامي ، وهي بهذا المعنى لا يمكن أن تكون إلا أمرا محرما ومذموما ولا يصح تقسيمه إلى حسنة وقبيحة ، وهذا شئ واضح لا يحتاج إلى استدلال . نعم ، البدعة بالمعنى اللغوي التي تعم الدين وغيره تنقسم إلى قسمين ، فكل شئ محدث مفيد في حياة المجتمعات من العادات والرسوم ، إذا أدي به من دون الإسناد إلى الدين ولم يكن محرما بالذات شرعا ، كان بدعة حسنة ، أي أمرا جديدا مفيدا للمجتمع ، كما إذا احتفل الشعب بيوم استقلاله في كل عام ، أو اجتمع
[1] البخاري ، الصحيح 3 : 58 كتاب الصوم ، باب فضل من قام رمضان .
114
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 114