نام کتاب : في ظل أصول الإسلام نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 267
وأما معنى قوله : * ( من ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) * [1] . فالمراد من " ورائهم " كونه أمامهم ، ومحيطا بهم ، وسمي وراءهم بعناية أنه يطلبهم ، كما أن مستقبل الزمان أمام الإنسان ، وفي نفس الوقت يقال : وراءك يوم كذا بعناية أن الزمان يطلب الإنسان ليمر عليه ، وبذلك يعلم معنى قوله سبحانه : * ( وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ) * [2] فكأن الملك وجنوده محيطون بالبحر أو بمعابره ومضائقه فهم يتعقبون كل سفينة ليأخذوها . وأما البرزخ فهو الحاجز بين الشيئين قال سبحانه : * ( بينهما برزخ لا يبغيان [3] ) * . وكونه حاجزا لا يعني انقطاع الصلة بين أهل الدنيا وأهل البرزخ ، بل يكون مانعا من رجوع الناس إلى حياة الدنيا . ومما يؤيد ذلك هو أن الآية وردت في رد طلب الكافرين الرجوع إلى الدنيا ، كما يحكيه عنهم قوله سبحانه : * ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ) * . فعند ذلك يؤكد النفي المستفاد من قوله : * ( كلا ) * الصريح في عدم إمكان الرجوع ، فيقول : * ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) * أي ثمة مانع من الرجوع إلى يوم البعث . وبعبارة أخرى : أن المراد من الحاجز ليس هو وجود جدار رفيع بين