فيه التجربة ، فهل نستطيع ان نحكم على القضية الفلسفية بأنها غير ذات معنى ؟ كلا طبعا ، فان المعنى هو ما يعكسه اللفظ في الذهن من صور ، والقضية الفلسفية تعكس في أذهان أنصارها ، وخصومها على السواء صورا من هذا القبيل . وما دامت هناك صورة تقذفها القضية الفلسفية إلى أفكارها فهناك مجال للصدق والكذب وبالتالي هناك قضية كاملة جديرة بهذا الاسم في العرف المنطقي ، فان الصورة التي تقذفها القضية الفلسفية إلى ذهننا ان كانت تطابق شيئا موضوعيا خارج حدود الذهن واللفظ فالقضية صادقة والا فهي كاذبة . فالصدق والكذب وبالتالي الطابع المنطقي للقضية - ليسا من معطيات التجربة لنقول عن القضية التي لا تخضع للتجربة انها لا توصف بصدق أو كذب ، وانما هما تعبيران بشكل ايجابي أو سلبي عن التطابق بين صورة القضية في الذهن وبين أي شيء موضوعي ثابت خارج حدود الذهن واللفظ . * الماركسية والفلسفة : وموقف الماركسية من الفلسفة يشبه بصورة جوهرية الموقف الوضعي ، فهي ترفض كل الرفض فلسفة عليا تفرض على العلوم ولا تنبثق منها ، لأن الماركسية تجريبية في منطقها وأداة تفكيرها ، فمن الطبيعي ان لا تجد للميتافيزيقا مجالا في بحوثها ، ولهذا نادت بفلسفة علمية وهي المادية الديالكتيكية وزعمت أن فلسفتها هذه ترتكز على العلوم الطبيعية وتستمد رصيدها من التطور العلمي في مختلف الحقول . قال لينين : ( ( فالمادية الديالكتيكية لم تعد بحاجة إلى فلسفة توضع فوق العلوم الأخرى وان ما يبقى من الفلسفة القديمة هو نظرية الفكر وقوانينه - المنطق الشكلي والديالكتيك ) ) [1]