حار ، الشمس طالعة وتسمى القضية لأجل ذلك جزئية . ومن القضايا ما يقوم الحكم فيها بين معنيين عامين كما في قولنا الكل أعظم من الجزء ، والواحد نصف الاثنين ، والجزء الذي لا يتجزأ مستحيل ، والحرارة تولد الغليان ، والبرودة سبب للتجمد . ومحيط الدائرة أكبر من قطرها ، والكتلة حقيقة نسبية ، إلى غير ذلك من القضايا الفلسفية والطبيعية والرياضية وتسمى هذه القضايا بالقضايا الكلية والعامة . والمشكلة التي تواجهنا هي مشكلة أصل المعرفة التصديقية والركائز الأساسية التي يقوم عليها صرح العلم الانساني ، فما هي الخيوط الأولية التي نسجت منها تلك المجموعة الكبيرة من الاحكام والعلوم ، وما هو المبدأ الذي تنتهي اليه المعارف البشرية في التعليل ، ويعتبر مقياسا أوليا عاما لتمييز الحقيقة عن غيرها ؟ وفي هذا المسألة عدة مذاهب فلسفية تتناول بالدرس منها المذهب العقلي والمذهب التجريبي ، فالأول هو المذهب الذي ترتكز عليه الفلسفة الاسلامية ، وطريقة التفكير الاسلامي بصورة عامة . والثاني هو الرأي السائد في عدة مدارس للمادية ومنها المدرسة الماركسية . 1 - المذهب العقلي : تنقسم المعارف البشرية في رأي العقليين إلى طائفتين : إحداهما معارف ضرورية أو بديهية . ونقصد بالضرورة هنا أن النفس تضطر إلى الاذعان بقضية معينة من دون ان تطالب بدليل أو تبرهن على صحتها ، بل تجد من طبيعتها ضرورة الايمان بها ايمانا غنيا عن كل بينة واثبات ، كإيمانها ومعرفتها بالقضايا الآتية : ( النفي والاثبات لا يصدقان معا في شيء واحد ) ( الحادث لا يوجد من دون سبب ) ، ( الصفات المتضادة لا تنسجم في موضوع واحد ) . ( الكل أكبر من الجزء ) ، ( الواحد نصف الاثنين ) . والطائفة الأخرى معارف ومعلومات نظرية . فان عدة من القضايا لا تؤمن النفس بصحتها الا على ضوء معارف ومعلومات سابقة فيتوقف صدور الحكم منها في تلك القضايا على عملية تفكير واستنباط للحقيقة من حقائق أسبق