منها مختلف ألوان الآثام لم تعالج المعالجة الصحيحة التي تحسم الداء وتستأصله من جسم المجتمع البشري في غير المذهب الاجتماعي للاسلام من مذاهب . فلابد أن نقف عند المبدأ الاسلامي في فلسفته عن الحياة والكون ، وفي فلسفته عن الاجتماع والاقتصاد ، وفي تشريعاته ومناهجه لنحصل على المفاهيم الكاملة للوعي الاسلامي ، والفكر الاسلامي الشامل مقارنين بينه وبين المبادئ الأخرى فيما يقرر من مناهج ويتبنى من عقيدة . وبطبيعة الحال أن دراستنا لكل مبدأ تبدأ بدراسة ما يقوم عليه من عقيدة عامة عن الحياة والكون وطريقة فهمهما ، فمفاهيم كل مبدأ عن الحياة والكون تشكل البنية الأساسية لكيان ذلك المبدأ . والميزان الأول لامتحان المبادئ هو اختبار قواعدها الفكرية الأساسية التي يتوقف على مدى احكامها وصحتها احكام البنيات الفوقية ونجاحها . ولأجل ذلك فسوف نخصص هذه الحلقة الأولى من ( ( كتابنا ) ) لدراسة البنية الأولى التي هي نقطة الانطلاق للمبدأ وندرس البنيات الفوقية في الحلقات الأخرى ان شاء الله تعالى . والنظام الرأسمالي الديمقراطي ليس منبثقا من عقيدة معينة عن الحياة والكون ولا مرتكزا على فهم كامل لقيمها التي تتصل بالحياة الاجتماعية وتؤثر فيها . وهو لهذا ليس مبدأ بالمعنى الدقيق للفظ المبدأ ، لان المبدأ عقيدة في الحياة ينبثق عنها نظام للحياة . وأما الاشتراكية والشيوعية الماركسيتان فقد وضعتا على قاعدة فكرية وهي ( ( الفلسفة المادية الجدلية ) ) ، ويختص الاسلام بقاعدة فكرية عن الحياة لها طريقتها الخاصة في فهم الحياة وموازينها المعينة لها . فنحن اذن بين فلسفتين لابد من دراستها لتتبين القاعدة الفكرية الصحيحة للحياة التي يجب أن نشيد عليها وعينا الاجتماعي السياسي لقضية العالم كله . ومقياسنا الاجتماعي والسياسي الذي نقيس به قيم الأعمال ونزن به أحداث الانسانية في مشاكلها الفردية والدولية .