متكررة ، وأصبح من الممكن الحصول على الاستجابة أو الفعل المنعكس ، بالإشارة الثانوية بسبب أشراطها بالإشارة الأولية ، كما أتاح النظام الاشاري الأول ، الحصول عليها بالإشارة الأولية ، بسبب أشراطها بالمنبه الطبيعي ، وتعتبر اللغة هي الإشارات الثانوية في النظام الاشاري الثاني . هذه هي نظرية العالم الفيزيولوجي ( بافلوف ) . وقد استغلته السلوكية ، فزعمت ان الحياة العقلية لا تعدو ان تكون عبارة عن افعال منعكسة . فالتفكير يتركب من استجابات كلامية باطنة ، يثيرها منبه خارجي . وهكذا فسرت الفكر كما تفسر عملية افراز الكلب لعابه ، عند سماعه خطوات الخادم ، فكما ان الافراز رد الفعل الفيزيولوجي لمنبه شرطي ، وهو خطى الخادم . كذلك الفكر هو رد الفعل الفيزيولوجي لمنبه شرطي ، كاللغة التي أشرطت بالمنبه الطبيعي مثلا . ولكن من الواضح ان التجارب الفيزيولوجية ، على الفعل المنعكس الشرطي ، لا يمكنها ان تبرهن على ان الفعل المنعكس ، هو حقيقة الادراك ، والمحتوى الحقيقي للعمليات ، ما دام من الجائز ان يكون للادراك حقيقة وراء حدود التجربة . أضف إلى ذلك ان السلوكية في رأيها هذا القائل بأن الأفكار استجابات شرطية تقضي على نفسها وتنزع القدرة على الكشف عن الواقع والقيمة الموضوعية ، لامن سائر الأفكار فحسب ، بل من السلوكية ذاتها أيضا بوصفها فكرة تخضع للتفسير السلوكي ، لان تفسير السلوكية للفكر الانساني له أثره الخطير في نظرية المعرفة وتقدير قيمتها ومدى قدرتها على استكشاف الواقع ، فالمعرفة - كل معرفة - لا تعدو وفقا للتفسير السلوكي ان تكون استجابة حتمية لمنبه شرطي كسيلان اللعاب من فم الكلب في تجارب بافلوف . وليست نتيجة للاستدلال والبرهان ، وبالتالي تصبح كل معرفة تعبيرا عن وجود منبه شرطي لها لا عن وجود مضمونها في الواقع الخارجي ، والفكرة السلوكية نفسها لا تشذ عن هذه القاعدة العامة ولا تختلف عن كل الأفكار