responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 333


والنتيجة الفلسفية ، التي نخرج بها من هذا البحث ، هي ان الادراك ليس ماديا ، كما تزعم الفلسفة المادية ، لان مادية الشيء تعني أحد أمرين : اما انه بالذات مادة ، واما انه ظاهرة قائمة بالمادة . والادراك ليس بذاته مادة . ولا هو ظاهرة قائمة بعضو مادي كالدماغ ، أو منعكسة عليه ، لأنه يختلف في القوانين التي تسيطر عليه ، عن الصورة المادية المنعكسة على العضو المادي . فهو يملك من الخصائص الهندسية - أولا - ومن الثبات - ثانيا - ما لا تملكه أي صورة مادية منعكسة على الدماغ . وعلى هذا الأساس تؤمن الميتافيزيقية ، بأن الحياة العقلية - بما تزخر به من ادراكات وصور - أثرى ألوان الحياة وأرقاها ، لأنها حياة ترتفع عن مستوى المادة وخصائصها . ولكن المسألة الفلسفية الأخرى التي تنبثق مما سبق ، هي ان الادراكات والصور ، التي تتشكل منها حياتنا العقلية ، إذا لم تكن صورا قائمة بعضو مادي ، فأين هي قائمة اذن ؟ وهذا السؤال هو الذي دعا إلى استكشاف حقيقة فلسفية جديدة ، وهي ان تلك الصور والادراكات . تجتمع أو تتابع كلها على صعيد واحد ، هو صعيد الانسانية المفكرة ، وليست هذه الانسانية المفكرة شيئا من المادة ، كالدماغ أو المخ ، بل هي درجة من الوجود مجردة عن المادة ، يصلها الكائن الحي في تطوره وتكامله . فالمدرك والمفكر هو هذه الانسانية اللامادية .
ولكن يتضح الدليل على ذلك بكل جلاء ، يجب ان نعلم أنا بين ثلاثة عروض : مبدأها ان ادراكنا لهذه الحديقة . أو لذلك النجم ، صورة مادية قائمة بجهازنا العصبي ، وهذا ما نبذناه ودللنا على رفضه . وثانيها ان إدراكاتنا ليست صورا مادية ، بل هي صور مجردة عن المادة ، وموجودة بصورة مستقلة عن وجودنا . وهذا افتراض غير معقول أيضا ، لأنها إذا كانت موجودة بصورة مستقلة عنا ، فما هي صلتنا بها ؟ وكيف أصبحت ادراكات لنا ؟ وإذا نفضنا يدينا من هذا وذاك ، لم يبق لدينا الا التفسير الثالث للموقف ، وهو ان تلك الادراكات والصور العقلية ، ليست مستقلة في وجودها عن الانسان كما انها ليست حالة أو منعكسة في عضو مادي ، وانما هي ظواهر مجردة عن المادة ، تقوم بالجانب اللامادي من الانسان . فهذه الانسانية اللامادية ( الروحية ) هي التي تدرك وتفكر ، لا العضو المادي ، وان كان

333

نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست