ان الوحدة التي اجتازتها النقطة البعيدة ، يمكن تجزئتها وتقسيمها ، وليست وحدة لا تتجزأ . وهكذا يتضح أن أصحاب الفكرة القائلة بالوحدة التي لا تتجزأ . يواجهون موقفا حرجا ، لأنهم لا يمكنهم أن يعتبروا النقطة البعيدة والقريبة متساويتين ، في مقدار الحركة ، ولا مختلفتين . لوم يبق لهم الا أن يزعموا لنا أن النقطة الموازية في الدائرة الصغيرة كانت ساكنة ولم تتحرك ، وكلنا نعلم أن الدائرة القريبة من المركز ، لو كانت ساكنة في اللحظة التي تحركت فيها الدائرة الكبيرة ، لترتب على ذلك تفكك اجزاء الرحى وتصدعها . وهذا البرهان يوضح لنا ان أي وحدة مادية نفترضها ، فهي قابلة للتجزئة ، لأنها حينما تطويها النقطة البعيدة عن المركز في حركتها ، تكون النقطة القريبة قد قطعت جزءا منها . وإذا كانت الوحدة المادية قابلة للتجزئة والانفصال . فهي مؤتلفة - اذن - من مادة بسيطة . تركز فيها قابلية التجزئة ، واتصالية مقومة لوحدتها . وهكذا يتضح ان وحدات العالم المادي مركبة من مادة وصورة . * النتيجة الفلسفية من ذلك وحين يتبلور المفهوم الفلسفي للمادة ، القاضي بائتلافها من مادة وصورة ، نعرف ان المادة العلمية ، لا يمكن ان تكون هي المبدأ الأول للعالم ، لأنها بنفسها تنطوي على تركيب بين المادة والصورة . ولا يمكن لكل من الصورة والمادة ، ان يوجد مستقلا عن الآخر ، فيجب أن يوجد فاعل أسبق لعملية التركيب ، تلك التي تحقق للوحدات المادية وجودها . وبكلمة أخرى ، ان المبدأ الأول هو الحلقة الأولى من سلسلة الوجود ، وتسلسل الوجود يبدأ حتما بالواجب بالذات ، كما عرفنا في الجزء السابق في هذه المسألة . فالمبدأ الأول هو الواجب بالذات ، وباعتباره كذلك يجب أن يكون غنيا في كيانه ووجوده عن شيء آخر . والوحدات الأساسية في المادة ليست غنية في كيانها المادي ، عن فاعل خارجي ، لان كيانها مؤتلف من مادة