( العلة المادية ) والفاعل الحقيقي ( العلة الفاعلية ) . فهل فاعل هذا العالم وصانعه شيء آخر ، خارج عن حدود المادة ومغاير لها ، كما ان صانع الكرسي مغاير لمادته الخشبية ؟ أو انه نفس المادة التي تتركب منها كائنات العالم ؟ وهذه هي المسألة التي تقرر المرحلة الأخيرة ، من مراحل النزاع الفلسفي ، بين الإلهية والمادية . وليس الديالكتيك الا احدى المحاولات الفاشلة ، التي قامت بها المادية ، للتوحيد بين العلة الفاعلية والعلة المادية للعالم ، طبقا لقوانين التناقض الديالكتيكية . والتزاما بطريقة الكتاب ، سوف نبحث المسألة بدراسة المادة دراسة فلسفية ، على ضوء المقررات العلمية ، والقواعد الفلسفية ، متحاشين العمق الفلسفي في البحث ، والتفصيل في العرض . * المادة على ضوء الفيزياء في المادة فكرتان علميتان ، تناولهما العلماء بالبحث والدرس منذ آلاف السنين : إحداهما : ان جميع المواد المعروفة في دنيا الطبيعة . انما تتركب من عدة مواد بسيطة محدودة ، تسمى بالعناصر . والأخرى : ان المادة تتكون من دقائق صغيرة جدا ، تسمى الذرات . أما الفكرة الأولى فقد أخذ بها الإغريق بصورة عامة . وكان الرأي السائد هو اعتبار الماء ، والهواء ، والتراب ، والنار ، عناصر بسيطة ، وارجاع جميع المركبات إليها ، بصفتها المواد الأولية في الطبيعة . وحاول بعض علماء العرب بعد ذلك ، أن يضيفوا إلى هذه العناصر الأربعة ثلاثة عناصر أخرى هي الكبريت ، والزئبق ، والملح . وقد كانت خصائص العناصر البسيطة - في رأي الأقدمين - حدودا فاصلة بينها ، فلا يمكن أن يتحول عنصر بسيط إلى عنصر بسيط آخر .