responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 185


، فكما ان الإلهي يجب عليه ان يبرهن على الاثبات ، كذلك المادي هو مسؤول أيضا عن الدليل على النفي ، لأنه لم يجعل القضية الميتافيزيقية موضع الشك ، وانما نفاها نفيا قاطعا ، والنفي القاطع كالاثبات القاطع ، يفتقر إلى الدليل . فالمادي حين زعم ان السبب المجرد لا وجود له ، ادعى في هذا الزعم ضمنا انه أحاط بالوجود كله ، ولم يجد فيه موضعا للسبب المجرد ، فلابد ان يقدم دليلا على هذه الإحاطة العامة ، وتبريرا للنفي المطلق .
ونتساءل هنا من جديد : ما هي طبيعة الدليل الذي يمكن للإلهي أو للمادي ان يقدمه في هذا المجال ؟ ونجيب ان دليل الاثبات أو النفي ، يجب أن يكون هو العقل ، لا التجربة المباشرة خلافا للمادية ، التي درجت على اعتبار التجربة دليلا على مفهومها الخاص ، زاعمة ان المفهوم الإلهي أو القضايا الميتافيزيقية بصورة عامة لا يمكن اثباتها بالتجربة ، وان التجربة هي التي ترد على تلك المزاعم ، لأنها تحلل الانسان والطبيعة ، وتدلل على عدم وجود أشياء مجردة فيهما ذلك ان التجارب والحقائق العلمية إذا صح للمادية ما تزعمه ، من انها لا تقوم دليلا على الاتجاه الإلهي ، فهي أيضا لا تصلح دليلا للنفي المطلق ، الذي يحدد الاتجاه المادي ، فقد عرفنا ان الحقائق العلمية على اختلاف ألوانها ليست موضعا للنقاش بين الإلهية والمادية ، وانما النقاش في التفسير الفلسفي لتلك الحقائق ، أي في وجود سبب أعلى وراء حدود التجربة ، ومن الواضح ان التجربة لا يمكن أن تعتبر برهانا على نفي حقيقة خارج حدودها . فالعالم الطبيعي إذا لم يجد السبب المجرد في مختبره ، لم يكن هذا دليلا الا على عدم وجوده في ميدان التجربة . واما نفي وجوده في مجال فوق مجالات التجربة ، فلا يمكن ان يستنتج من التجربة ذاتها .
ونؤكد بهذا البيان على أمرين :
( أحدهما ) ، ان المادية بحاجة إلى دليل على الجانب السلبي ، الذي يميزها عن الإلهية ، كحاجة الميتافيزيقا إلى برهان على الايجاب والاثبات .
و ( الآخر ) : ان المادية اتجاه فلسفي كالإلهية ، ولا توجد لدينا مادية علمية ، أي تجريبية ، لأن العلم كما عرفنا لا يثبت المفهوم المادي للعالم ، لتكون المادية علمية . بل كل ما

185

نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست