برهانه . فان قضية ( الخداع مستحيل ) هي الترجمة غير الأمينة لقضية ( الخداع القبيح ) وهذه القضية ليست قضية فلسفية وانما هي فكرة عملية فكيف شك ( ديكارت ) في كل شيء ولم يشك في هذه المعرفة العملية ، التي جعلها أساسا للمعرفة التأملية الفلسفية ؟ أضف إلى ذلك أن تسلسل المعرفة في مذهب ديكارت ينطوي على دور واضح ، فإنه حين آمن بالمسألة الإلهية أقام ايمانه هذا على قضية يفترض صدقها سلفا وهي ان الشيء لا يخرج من لا شيء . وهذه القضية تحتاج بدورها إلى اثبات المسألة الإلهية لتكون مضمونة الصدق ، فما لم يثبت ان الانسان محكوم لقوة حكيمة غير مخادعة ، لا يجوز لديكارت أن يثق بهذه القضية ويقضي على شكه في سيطرة قوة خداعة للفكر الانساني . وأخيرا فلسنا بحاجة لتوضيح خلط آخر صدر منه بين ( فكرة الله ) و ( الحقيقة الموضوعية التي تدل عليها ) حين آمن باستحالة انبثاق هذه الفكرة عن الانسان لأنها أكبر منه . والحال انها لا تزيد على فكره ، وانما يستحيل على الانسان ان يخلق لهذه الفكرة حقيقتها الموضوعية . وليس هدفنا بالفعل التوسع في مناقشة ( ديكارت ) ، وانما نعني عرض وجهة نظره في قيمة المعرفة الانسانية التي تتلخص في الايمان بالقيمة القاطعة للمعارف العقلية الفطرية خاصة . 2 - جون لوك : وهو المثل الأساسي للنظرية الحسية والتجريبية كما عرفنا سابقا . ورأيه في نظرية المعرفة أن المعارف تنقسم كما يأتي : أ - المعرفة الوجدانية ، وهي المعرفة التي لا يحتاج الفكر في سبيل الحصول عليها إلى ملاحظة شيء آخر . كمعرفتنا بان الواحد نصف الاثنين . ب - المعرفة التأملية . وهي لا تحصل من دون استعانة بمعلومات سابقة ، كمعرفتنا بأن مجموع زوايا المثلث يساوي قائمتين . ج - المعرفة الناشئة من وقوع الحس على المعنى المعلوم .