السعادة وأنواع المتع الحلال التي يسرها الله وهدى إليها الإنسان وأعطاه الوقت الكافي لنيلها في النهار وفي الشطر الأول من الليل . ولو أن دولة من دول الحضارة المادية اتخذت الاجراءات والقوانين اللازمة لإعادة الوظيفة الطبيعية لليل لحققت أعظم الفوائد في الحفاظ على صحة شعبها وأعصابه ، ولوفرت عليهم مبالغ هائلة تصرف عبثا في استهلاك الطاقة الكهربائية وفي العلاج . ولكن أنى لهم ذلك بدون الإسلام . ومما يزيد في الخسارة الصحية والاقتصادية أن ما يقابل إتلاف الليل أو إتلاف قسم منه في العمل والصخب والفسوق خسارة غرة النهار وأفضل ساعاته ، وبالأخص فترة ما بين الطلوعين طلوع الفجر وطلوع الشمس . فلا شك أن هواء هذه الفترة ثروة صحية كبيرة يبددها المسرفون في الليل فتمر عليهم وهم نائمون خاملون . إن الله تعالى أراد للناس أن يهبوا مع يقظة الطبيعة ليؤدوا صلاة الفجر وينعموا بثروة نسيم الصباح الباكر ، إضافة إلى ما يبعثه جو الفجر وطلوع الشمس من مشاعر جميلة تعود على الجسم والنفس باليقظة والراحة والنشاط ، خاصة بملاحظة الحكم الشرعي الذي يقضي بكراهة النوم بين الطلوعين . ولئن كان هارون الرشيد يقول لزوجته زبيدة كما يروى : قومي نتنسم هواء الفجر قبل أن تلوثه أنفاس العامة فإن الله يقول لعامة الناس : انهضوا وصلوا وتنسموا هواء الفجر قبل أن تغادركم هذه النعمة اليومية . ولئن كان أحد أبطال الكمال الجسماني يقدم نصيحته الوحيدة لهواة الكمال الجسماني بأن يلتزموا بأقل من ربع ساعة رياضية قبل طلوع الشمس ليجدوا الفارق في أجسامهم في أقل من شهر . فإن الله تعالى يوجب على الناس أن يستيقظوا قبل طلوع الشمس لأداء الصلاة من أجل كمال نفوسهم وأجسامهم . كم يؤلمك أن تنظر إلى مجتمعات الحضارة الجاهلية في هدأة الليل فترى بؤس الكادحين وصخب الصاخبين من الناس . ثم تنظر في تنفس الصبح فلا تجد