أما أسلوب تكوين الضمير القانوني في المواطنين عن طريق تركيز قيم التشريع وفوائده في نفوسهم فلم تسلكه حتى الآن أي من الدول القائمة على دساتير وتشريعات ( ولا كلام لنا في الدول المقامة على غير تشريع ) . ولا نستطيع أن نستثني من ذلك إلا الدول والمجتمعات التي أقامها الأنبياء والأئمة عليهم السلام فإنها اعتمدت على تطبيق شرائعها تربية ضمير التقوى لدى المواطنين ونجحت في ذلك أيما نجاح . وقد تتصور أن إغفال المشرعين القانونيين لطريقة تكون الضمير القانوني إنما هو لعدم أهمية هذه الطريقة في حياة المجتمعات . لكن الأمر على العكس ، فما من مشرع قانوني إلا ويتمنى أن يجمع المواطنين على قيم تشريعه ، وما من دولة إلا وتتمنى أن يؤمن المواطنون من أعماق قلوبهم بصحة الدستور والتشاريع التي تقوم عليها . بل السبب في خسارة هذا المكسب العظيم إخفاق خبراء التشريع في تكون الضمير القانوني لدى الناس . " إنهم يجدون القيم التي يحاولون جمعها في هيكل الدستور يستحيل وضعها في ميزان واحد . ومثل رجل القانون في محاولته هذه كمثل الذي يزن مجموعة من الضفادع بمجموعة أخرى مماثلة ، فكلما وضع مجموعة في كفة وجد أن ضفادع الكفة الثانية قد وثبت إلى الماء مرة أخرى " هذا ما يقوله أحد خبراء التشريع - الإسلام يتحدى ص 231 . والنتيجة الطبيعية لافتقاد القيم القانونية افتقاد القانون ذاته . فإلى حد الآن أخفق أساتذة القانون في وضع شئ يصح تسميته ( القانون ) رغم كل الجهود والتعديلات التي تبذل في هذا المجال . وهذا ما يعترف به أحد خبراء القانون الغربيين Foller . L . L حتى لقد وضع كتابا أسماه القانون يبحث عن نفسه ( The Lawin Questof Itself ) . ص - 230 المصدر المتقدم . وينقل البروفسور ( باتون ) رأيا لبعض علماء التشريع يقول : " إن جميع محاولات الدراسة الفلسفية للبحث عن الأهداف في فلسفة التشريع قد انتهت