الطبيعية غير المشهودة كنسبة البيضة إلى الأرض ( كما ورد التمثيل بذلك في حديث شريف ) . والقسم الطبيعي غير المشهود يشمل عوالم : الجنة ، والنار ، والملائكة ، والجن وعوالم المخلوقات الأخرى التي ورد في الحديث أنها كثيرة ومتنوعة . وأكثر هذه العوالم شبها بنا على ما يبدو عوالم الأرضين ، الأربع حيث ورد في النصوص الشريفة أن خمسا من الأرضين السبع معمورة واثنتين خرابان . والأقرب لنا من الجميع عالم الجن الذي يشترك معنا في جملة من الصفات العامة من الخلق والتكليف وأصول الرسالة الإلهية ، ولذلك يخاطبنا الله تعالى معا في عدد من الآيات . وهذا القسم الشاسع من عوالم الطبيعة الغائبة يكتنف عالمنا المشهود عالم البيضة ويتلابس فيه بنوع من التلابس . وأما القسم الثالث الكائن غير الطبيعي ، فهو الموجود بذاته سبحانه والموجد للعالم الطبيعي المنظور وغير المنظور . وهو عز وجل وجود متفرد يكتنف العالمين أجمع ويتلابس فيها بنوع من التلابس . هذي هي الخطوط العامة للصورة التي يقدمها الإسلام عن الكون ككل . وإن التعبير القرآني بالشهادة والغيب أصح من تعبير الفلاسفة بالطبيعة وما وراء الطبيعة ، وذلك لأن كلمة الطبيعة تشمل المشهود وغير المشهود بينما يقصد منه الفلاسفة خصوص الطبيعة المشهودة . كما أن ما وراء الطبيعة يقصدون به الموجود غير الطبيعي كليا ، على أن ما وراء الطبيعة هذا قد يكون طبيعة غير مشهودة وقد يكون غير الطبيعة كليا ( الله تعالى ) . ومن النتائج الملحوظة لهذا اللبس لدى الفلاسفة المحدثين أنهم يفترضون مسبقا في اصطلاح ( ما وراء الطبيعة ) أنه كائن غير طبيعي ، مع أنه لا محتم لذلك . إن الغيب هو القسم الأكثر والأكبر من الوجود ، فإن ما نشهده من الوجود هو الأقل وما لا نشهده هو الأكثر . ( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) .