السمت العقلاني ، فما أن يمثل الإنسان بين يدي الله وقف بانضباط واعتدال حتى يشعر أنه بدأ في عمل جاد وأنه خلف وراءه الهزل والتسيب . ولا أحسبني بحاجة إلى التدليل على هذا العطاء للصلاة ، فقد أصبح ذلك مثلا على ألسن الناس وأصبح خير تعبير عمن يعيش حالة العقلانية والجد في أمر من أموره أن يقال عنه : " أنه في صلاة " . إن أي مصل ليحس بالفارق الجديد في شخصيته أثناء الصلاة ، يحس بالعقلانية التي يفرضها عليه الموقف الذي يقفه والحقائق التي يواجهها ، حتى أن نظرته إلى كثير من الأفكار والقضايا تختلف أثناء الصلاة وبعدها وتتسم بالتعقل والموضوعية . . فالذي كان قبل قليل مندفعا في شعور كراهية لإنسان لو عرض له هذا الشعور وهو في الصلاة لوجده نشازا لا يلائم وضعه العقلي الجديد . والذي كان مستغرقا في تصورات جنسية لأعراض الناس سينفر من هذه التصورات لو عرضت له وهو في الصلاة . والذي كان يعيش ذاتيته الشخصية الضيقة سيجد نفسه في الصلاة منفتحا على أفق أوسع وذات أكبر . وهكذا . إن وقفة الصلاة إنما هي يد المنطقية الإلهية تمتد إلى الإنسان كل يوم لتنقذه بهدوئها واتزانها من انحراف المشاعر وارتجال التصرف وتمده بشحنة من العقل والجد ، فتصلحه بذلك لحركة الحياة .