في نأيه فهو في نأيه قريب وفي قربه بعيد . كيف الكيف فلا يقال : كيف ، وأين الأين فلا يقال : أين " الكافي ج 1 ص 138 ففي الوقت الذي هو سبحانه أقرب إلينا من حبل الوريد هو سامق العلو بحيث يستحيل لعقولنا الإحاطة به . ومثل هذا القرب والبعد في آن يتناسب معه الجهر والإخفاء في التقديس والدعاء " فالجهر بالصلاة يناسب كونه تعالى عليا متعاليا . والاخفات يناسب كونه قريبا أقرب من حبل الوريد . فاتخاذ الخصلتين جميعا في الصلاة أداء لحق أسمائه جميعا " تفسير الميزان ج 13 ص 241 هذا ما ندركه من حكمة الجهر والإخفاء . ولئن كانت هاتان الحكمتان قابلتين للمناقشة وللنقض بوجوب الاخفاء في تلاوة الركعتين الثالثة والرابعة من صلاتي المغرب والعشاء ، وبالتخيير بين الجهر والإخفاء في بقية أذكار الصلاة ، وفي النوافل ، وبتخيير المرأة في الصلوات الجهرية ، وباستحباب الجهر في البسملة وقراءة صلاة الظهر من يوم الجمعة . أقول إذا كانت الحكمتان المتقدمتان قابلتين للمناقشة بهذا فإن ما لا يقبل المناقشة أن مستوى إدراكنا التشريعي لا يخولنا مناقشة ما ثبت في الشريعة المقدسة ، تماما كما لا تخولك معرفتك الطبية العامة أن تناقش في علاج أجمع الأطباء على ضرورته ، على سعة الفارق بين الادراك الطبي المتيسر للبشر ، والإدراك التشريعي المختص بالله عز وجل . إن التمييز بين صلوات الليل والنهار في درجة الصوت المطلوبة أمر ثابت على العموم في الشريعة الإلهية المقدسة ، وكفى بذلك دليلا على ضرورة هذا التمييز للنفس البشرية . ولا فرق بين أن تكون هذه الضرورة ناشئة من الحكمتين اللتين رجحناهما أو من حكم أخرى علمها الله عز وجل ولم نؤت علمها .