من عقل الإنسان وكونه ، ثم لا تحتاج أكثر من البرهان . أما مسألة التوحيد فهي وإن امتلكت البرهان أيضا من عقل الإنسان وكونه ، لكنها المسألة الأطول التي تواكبنا في فكرنا وسلوكنا ، والمرحلة الأهم والأخطر في ضميرنا . ومن هنا ناسب التربي عليها وانصباب الشهادة عليها بصيغة النفي لكافة الألوهيات المتصورة وإثبات ألوهية الإله الواحد عز وجل ، وناسب توضيحها بنوعين من التأكيد لكل منهما دور في تركيز التوحيد ، فكلمة ( وحده ) تعني أن وحدانية الله عز وجل قضية قائمة واجبة لا ممكنة بحسب التعبير المنطقي . وكلمة ( لا شريك له ) تنفي مساهمة أحد أو شئ مع الله عز وجل في شؤون الألوهية ، شؤون الخلق والإدارة والتشريع والأمر والحكم كما ناسب في مستهل الشهادة الثانية وصف الرسول صلى الله عليه وآله بالعبد المخلوق المأمور ، أبعادا للشهادة بالرسالة عن أن تشي بأدنى مشاركة لله في شئ ، وإنما هي مهمة رسالة وتبليغ وإن كانت أعظم مهمة قام بها إنسان . ثم لاحظ المستوى الذي يرفع إليه الفرد من الناس الإدلاء بهذه الشهادة ، مستوى أن يشهد أحدنا بوحدة الألوهية وبالنبوة ! متى احتاج الله عز وجل لأن يشهد بتوحيده أحد ؟ . ومن يكون زيد وعمرو في الوجود ؟ ومن يكون الوجود بالنسبة إلى وجوده عز وجل ، الوجود الحقيقي الصمد ؟ . ومتى احتاج الرسول صلى الله عليه وآله إلى شهادة أحد بإرساله من قبل الله ؟ وكفى بالله شهيدا له . ولكنه تواضع الرحمة من الله سبحانه يقول لكل فرد من الناس : أنت بحاجة لأن تستشعر وحدانيتي فتتلقى عني وحدي وتأتمر بأمري وحدي ، فأرتفع إلى مستوى احتياجك وأشهد لي بالوحدانية ، ولعبدي بالرسالة ، وأنهض بمسؤولية هذا المستوى . ثم لاحظ المسؤولية التي يتضمنها هذا الاقرار ، فكما أن ارتفاع الإنسان إلى مستوى الشهادة بالألوهية والنبوة ليس من أجل الله ورسوله فكذلك ليس