من بطنك غلام يعلو ذكره بين السماء والارض ، وكان هذا الحى من بنى سعد ابن هوزان ينتابون نساء أهل مكة فيحضنون أولادهم وينتفعون بخيرهم وإن امى ولدتنى فى العام الذى قدموا فيه ، وهلك والدى فكنت يتيما فى حجر عمى أبى طالب ، فاقبل النسوان يتدافعننى ويقلن ضرع صغير لا أب له فما عسينا أن ننتفع به من خير ، وكانت فيهن امرأة يقال لها ام كبشة ابنة الحارث ، فقالت : واللَّه لا أنصرف عامى هذا خائبة أبدا فاخذتنى وألقتنى على صدرها فدر لبنها فحضنتنى ، فلما بلغ ذلك عمى أبا طالب أقطعها إبلا ومقطعات من الثياب ولم يبق عم من عمومتى إلا أقطعها وكساها ، فلما بلغ ذلك النسوان أقبلن اليها يقلن أما واللَّه يا أم كبشة لو علمنا بركة هذا يكون هكذا ما سبقتنا اليه ثم ترعرعت وكبرت وقد بغضت الىّ أصنام قريش والعرب فلا اقربها ولا آتيها ( اقول ) وقال فى الطريق الأول الذى ذكرنا صدره ما لفظه : فلما نشأت بغضت الىّ الأوثان وبغض الىّ الشعر واسترضع لى فى بنى جشم بن بكر فبينا أنا ذات يوم فى بطن واد مع أتراب من الصبيان إذ أنا برهط ثلاثة معهم طست من ذهب ملئن من ثلج فاخذونى من بين أصحابى وانطلق اصحابى هرابا حتى انتهوا الى شفير الوادى ثم أقبلوا على الرهط فقالوا : ما لكم ولهذا الغلام إنه غلام ليس منا وهو ابن سيد قريش ، وهو مسترضع فينا من غلام يتيم ليس له أب فماذا يرد عليكم قتله ولئن كنتم لابد فاعلين فاختاروا منا أينا شئتم فليأتكم فاقتلوه مكانه ودعوا هذا الغلام ، فلم يجيبوهم ، فلما رأى الصبيان أن القوم لا يجيبونهم انطلقوا هرابا مسرعين الى الحى يؤذنونهم به ويستصرخونهم على القوم ، فعمد الىّ أحدهم فاضجعنى الى الأرض إضجاعا لطيفا ثم شق ما بين صدرى الى متن عانتى وأنا أنظر فلم أجد لذلك مسا ثم أخرج أحشاء بطنى فغسله بذلك الثلج فانعم غسله ثم اعادها