عليه ) فلو كان معه مؤمن لشركه معه في السكينة ، كما شرك من ذكرنا قبل هذا من المؤمنين ، فدل إخراجه من السكينة على خروجه من الإيمان . فلم يحر جوابا ، وتفرق الناس ، واستيقظت من نومي [1] . وروى أحمد بن حنبل مسندا عن زيد بن يتيع عن أبي بكر ، إن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بعثه ببراءة لأهل مكة ، لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، من كان بينه وبين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مدة فأجله إلى مدته ، والله برئ من المشركين ورسوله . قال : فسار بها ثلاثا ، ثم قال لعلي رضي الله تعالى عنه : الحقه فرد علي أبا بكر ، وبلغها أنت . قال : ففعل . فلما قدم على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أبو بكر بكى ، قال : يا رسول الله حدث في شئ ؟ قال : ما حدث فيك إلا خير ، ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل مني [2] . الرضوي : يعني ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يأتني الأمر من ربي بعز لك يا أبا بكر عن تبليغ براءة عني إلى أهل مكة إلا لأنك لست مني ، وقد قال تعالى ( فمن تبعني فإنه مني ) [3] ولما لم تكن مني فلا يحل لي أن أوليك أمرا تؤده عني . فأين الخير الذي حصل لإمامكم في هذه الواقعة التي أحزنته وفضحته ، وأبكته ، حيث أفصحت عن عدم لياقته للنيابة عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في أمر من أمور الدين أيها البكريون ؟ ولما أدرك أولياء أبي بكر ما لحق إمامهم في هذه الواقعة من ذل وعار ، وأسفرت عن عدم أهليته لذلك المقام ، وعرف الجميع إنه ليس من النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في شئ ، ولذلك أمر الله بعزله ، زادوا في الحديث جملة ( ما حدث فيك إلا خير ) تطييبا لنفوس أولياء
[1] الإحتجاج على أهل اللجاج ج 2 ص 325 ط بيروت لبنان مؤسسة النعمان للطباعة والنشر . [2] مسند أحمد ج 1 ص 3 ط مصر عام 1313 . [3] سورة إبراهيم آية 36