الدكتور عبد اللطيف الطيباوي يقول : طلب من المسلمين أن يعينوا له راتبا ، فعينوا له الفين ، فقال بعد مدة : زيدوني فإن لي عيالا ، وقد شغلتموني عن التجارة . فزادوه خمسمأة [1] . الرضوي : سيأتي أن ميمونا روى ذلك أيضا عنه ، غير أنه لم يذكر أنه طلب منهم الزيادة بعد مدة ، بل إنه طلبها منهم بالفعل ، ولعل الدكتور الطيباوي أدرك ما في طلبها منهم بالفعل من الدلالة على حرصه وطمعه ، وعدم قناعته ، فزاد كلمة ( فقال بعد مدة ) من عند نفسه دفعا لتوهم ذلك حفاظا على كرامة إمامه أبي بكر . ولم نعهد لأبي بكر تجارة كان يزاولها ، غير أنه كان يحلب للحي أغنامهم . كما نقل ذلك ابن الجوزي الحنبلي عن علماء السير ، وقد تقدم نعم قال الدميري كان أبو بكر الصديق ( رضي الله عنه ) بزازا [2] ولم يأت بشاهد على ذلك ، ولعله آنف من عمله ذلك الذي ذكره علماء السير عنه ونقله ابن الجوزي عنهم فقال ذلك . عثمان ( أبو قحافة ) والد أبي بكر يقول له : يا عتيق هؤلاء الملأ فأحسن صحبتهم [3] . عروة بن الزبير يقول : إن عائشة زوج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله إن يقسم لها ميراثها مما ترك رسول الله مما أفاء الله عليه . فقال لها أبو بكر : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( لا نورث ما تركنا صدقة ) فغضبت فاطمة ، وعاشت بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ستة أشهر [4] . علي بن أبي الكرم ( ابن الأثير ) [5] صاحب ( الكامل ) في التاريخ يقول :
[1] محاضرات في تاريخ العرب والإسلام ج 1 ص 131 ط بيروت [2] حياة الحيوان ج 1 ص 169 . [3] طبقات ابن سعد ج 3 ق 1 ص 133 . [4] طبقات ابن سعد ج 8 ص 18 ط ليدن . [5] قال ابن خلكان في ترجمته : كان إماما في حفظ الحديث ومعرفته ، وما يتعلق به ، وحافظا للتواريخ المتقدمة والمتأخرة ، وخبيرا بأنساب العرب وأخبارهم وأيامهم ووقايعهم ، صنف التاريخ الكبير ، سماه ( الكامل ) ( وفيات الأعيان ) ج 3 ص 348 . وقال ابن العماد الحنبلي : كان إماما نسابة مؤرخا ، أديبا نبيلا ، محتشما . ( شذرات الذهب ) ج 5 ص 137 .