الحسن البصري يقول : لما بويع أبو بكر قام خطيبا فقال : أما بعد فإني وليت هذا الأمر وأنا له كاره ، ووالله لوددت أن بعضكم كفانيه . ألا وإنكم إن كلفتموني أن أعمل فيكم بمثل عمل النبي لم أقم به ، كان النبي عبدا أكرمه الله بالوحي ، وعصمه به . ألا وإنما أنا بشر ، ولست بخير من أحدكم فراعوني ، فإذا رأيتموني استقمت فاتبعوني ، وإذا رأيتموني زغت فقوموني . واعلموا أن لي شيطانا يعتريني ، فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني . . . [1] . الرضوي : لا يسيغ الدين الإسلامي ، ولا العقل السليم لمن يرى في نفسه ضعفا وعجزا وعدم كفائة في تحمل مسؤولية القيام بإدارة شؤون جمعية ، أو جماعة فضلا عن القيام بزعامة أمة ، وأعظم من ذلك القيام مقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وادعاء الخلافة عنه ، وهو لا يأمن على نفسه من الزيغ عن الحق . فالميل إلى الباطل والضلال عندما يأتيه شيطانه . وقول أبي بكر : ووالله لوددت أن بعضكم كفانيه يتنافى مع عمله ، فإنه لم يقله عن صدق واعتقاد لعلمه أن عليا ( عليه السلام ) ابن عم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أحرى منه وأولى بهذا الأمر ، وأقدر على إدارة شؤون الأمة ، وأعرف بمصالحها ، ومقوماتها من شتى الجهات ، علمية كانت أم إدارية ، سياسية كانت أم اجتماعية ، منه ومن غيره إطلاقا ، فلماذا تقدم عليه ولم يرجع الأمر إليه ؟ ولماذا حضر السقيفة إن لم تكن له رغبة في الأمر ؟ ولقد قال له الإمام ( عليه السلام ) استبددت علينا ، وكنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا [2] فلو كان صادقا في قوله لما حضر السقيفة والرسول بعد لم يدفن . ولأرجع الأمر إلى أهله ، وهم أهل البيت النبوي ( عليهم السلام ) . لكنها سياسة . ولعن الله السياسة ، أم الحيل
[1] تاريخ الخلفاء ص 66 ط بيروت ، طبقات ابن سعد ج 3 ق 1 ص 150 ط ليدن . [2] في ( لسان العرب ) : وفي حديث علي رضوان الله عليه ( كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا فاستبددتم علينا ) يقال : استبد بالأمر يستبد استبدادا ، إذا انفرد به دون غيره ، واستبد برأيه : إذا انفرد به .